المواطن / متابعة
قدم المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، إحاطة جديدة إلى مجلس الأمن الدولي، مساء امس الخميس، بشأن الأحداث الأخيرة في اليمن.
وينقل لكم موقع المواطن أدناه النص الكامل لاحاطة غريفيث:
شكرًا جزيلاً سيدي الرئيس على إعطائي الفرصة لإحاطة هذا المجلس،
حذرت في المرة الأخيرة التي قدمت فيها إحاطة إلى هذا المجلس من أن الوضع العسكري في اليمن يزداد تدهورًا. إنني أرى اليوم أن البلاد تمر بمنعطف حرج. فإما ستقوم أطراف النزاع بأخذ اليمن في اتجاه خفض التصعيد واستئناف العملية السياسية، أو أخشى أن تكون الحركة في اتجاه المزيد من العنف والمعاناة التي ستجعل الطريق إلى طاولة المفاوضات أكثر صعوبة.
وقد تركز التصعيد العسكري الأكثر إثارة للقلق في الجوف، وهي المحافظة الواقعة شرق صنعاء. ينتابني قلق عميق بشأن المنطق والمبررات التي تقود هذا التصعيد، كمايقلقني تأثير العنف على سكان الجوف، حيث نزحت آلاف الأسر بسبب القتال الأخير، وهم في حاجة ماسة إلى المأوى والمساعدة، وأنا متأكد أننا سنسمع المزيد في هذا الشأن من راميش.
كما أنني أشعر بالقلق من أن هذا التصعيد يمكن أن يؤدي إلى صراعات في محافظات أخرى ويجر اليمن إلى دائرة جديدة وغير مسؤولة من العنف. وسيكون لذلك عواقب إنسانية وسياسية مدمرة، كما سيعرض المدنيين للخطر الجسيم وسيؤخر العملية السياسية التي طال انتظارها والتي تشتد الحاجة إليها والتي تهدف إلى إنهاء هذه الحرب بشكل شامل. يجب على الأطراف ممارسة أقصى قدر من ضبط النفس لمنع مثل هذه النتيجة الرهيبة، ومن الضروري الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي. الهجمات العشوائية التي تمس السكان المدنيين أو الأهداف المدنية هي هجمات غير قانونية ومستهجنة.
سيدي الرئيس، سافرت في 7 آذار/مارس إلى اليمن للتأكيد على ضرورة وقف القتال. والتقيت أثناء وجودي في مأرب بمسؤولين حكوميين محليين وأحزاب سياسية وقيادات قبلية وقيادات من المجتمع المدني -بمن يتضمن النساء والشباب- وبعض ممن نزحوا بسبب النزاع. واسمحوا لي، من خلال هذا المجلس، أن أشكر محافظ مأرب، سلطان العرادة، على دعمه وحسن ضيافته في ذلك اليوم. لقد استمعت إلى مخاوف جميع من التقيتهم بشأن التصعيد العسكري والتحديات الإنسانية التي يواجهونها، وأكدت لهم التزام مكتبي بدعم السلام في اليمن. كما سمعت في مأرب مطالبات قوية بالسلام، ولكن ليس سلامًا يتم إملاؤه من موقع الهيمنة العسكرية.
وقد عدت لتوي من صنعاء، حيث ناقشت الحاجة لوقف القتال في محافظة مأرب. كما التقيت بممثلين عن شخصيات قبلية ومجتمعية من مأرب تعيش في صنعاء للاستماع لوجهات نظرهم ومخاوفهم فيما يخص الصراع في مأرب.
أود أن أكون واضحًا، سيدي الرئيس، لا يوجد هناك مبرر للتصعيد العسكري في مأرب، ويجب ألّا تتحول مأرب لبؤرة الصراع القادمة في النزاع المأساوي الدائر في اليمن.
سيدي الرئيس، لا تزال محافظة الحديدة تشهد اشتباكات، لا سيما في المدينة والجزء الجنوبي من المحافظة، ويتزايد عدد الضحايا المدنيين للأسف. وتهدد التطورات التي تبعت الواقعة المزعجة والمؤسفة التي حدثت بالأمس في نقطة المراقبة المشتركة في مدينة الحديدة بتقويض آلية خفض التصعيد التي تم إرسائها والإنجازات التي حققتها لجنة تنسيق إعادة الانتشار. تقوم بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاقية الحديدة، التي تم إقرارها من خلال هذا المجلس، سيدي الرئيس، تحت قيادة زميلي، الجنرال غوها، بالعمل على التوسط واستعادة الثقة بين الأطراف بعد أحداث الأمس. وأدعو الطرفين للعمل من خلال الآلية المتفق عليها لاستعادة الهدوء. وعليّ أن أضيف أن البعثة لا تزال تواجه قيودًا على الحركة. على سبيل المثال، لم يتم السماح لدوريات البعثة بدخول مدينة الحديدة منذ العشرين من تشرين الأول/أكتوبر مما يعرقل قدرة البعثة على تنفيذ ولايتها، بالطبع.
أتابع أيضًا ببالغ القلق العنف في أماكن أخرى من البلاد، حيث استمرت الاشتباكات في منطقة نهم بصنعاء، كما ناقشنا في هذا المجلس من قبل، سيدي الرئيس، وفي محافظات الضالع وشبوة وتعز وصعدة.
باختصار، سيدي الرئيس، هناك خطر حقيقي، كما ناقشنا من قبل، يشكله التصعيد العسكري المطول في الكثير من أنحاء اليمن. يجب علينا أن نبذل قصارى جهدنا لدعم الأطراف في احتواء وعكس المسار الحالي.
منذ بدء التصعيد في كانون الثاني/يناير، كما تعلمون، كنت و ما زلت أدعو الأطراف علنًا إلى الموافقة على الوقف الفوري وغير المشروط للتصعيد العسكري والعمل مع مكتبي لتحقيق هذا الهدف. من الضروري أن يوافق الطرفان على المشاركة في آلية علنية خاضعة للمساءلة لخفض التصعيد على مستوى البلاد لتهدئة وتيرة الحرب لإبعاد اليمن عن هذا الطريق غير المستقر الذي طالما وصفته. لقد كررت هذه الدعوة عندما كنت في مأرب، وتلقيت ردودًا إيجابية أولية من الطرفين. ويجب أن تترجم ردود الفعل هذه إلى التزامات ملموسة على أرض الواقع الآن.
يجب أن يتم تعزيز أي مناقشات حول خفض التصعيد بجهود لاستئناف العملية السياسية، وهو موضوع ناقشناه في هذه القاعة من قبل أيضًا. ويجب أن يتم دعم مسار خفض التصعيد والمسار السياسي بالتحرك السريع للاستجابة لبعض القضايا التي لها أثر ملموس على حياة الناس، والتي تمثل أيضًا إجراءات لبناء الثقة بين الأطراف.
سيدي الرئيس، أود أن أضيف أنني أنضم لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في إدانة أحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة في صنعاء في وقت سابق من هذا الشهر بحق 35 برلمانيًا يمنيًا. إن تجزئة وتسييس القضاء وغيرها من المؤسسات هو مدعاة للقلق، وهو أقل ما يمكن قوله.
سيدي الرئيس،
بالرغم من القلق الذي أعبر عنه اليوم، أود أيضًا أن أشارككم الرسائل التي سمعتها من اليمنيين والتي تؤكد لي أن الاستئناف السريع للعملية السياسية السلمية لا يزال أمرًا في متناول اليد بالرغم من كل ذلك.
عقد مكتبي في 26 و27 شباط/فبراير، اجتماعًا مع مجموعة من الشخصيات العامة والسياسية اليمنية هنا في عمان، وأشكر الحكومة الأردنية على استضافة الاجتماع. وقد عبر المشاركون عن رأي مشترك بأن السلام الدائم لا يمكن أن ينشأ إلا من خلال تسوية سياسية يتم الوصول إليها عن طريق التفاوض. ودعا العديد من المشاركين إلى الاستئناف الفوري للعملية السياسية الشاملة دون شروط مسبقة، كما أعرب العديد عن إحباطهم، والذي أشاركهم فيه، من توقف العملية السياسية منذ الجولة الأخيرة من محادثات السلام الرسمية في الكويت في عام 2016، منذ ثلاث سنوات ونصف. وخلال الاجتماع، شدد المشاركون على أهمية تضمين مجموعة متنوعة من اليمنيين في المفاوضات السياسية تشمل النساء والشباب والقيادات القبلية والمجتمعية. وأنا أتفق تمامًا مع تلك الدعوة والمطلب، ومع وجود تلك الحاجة. سأستمر في العمل من أجل دفع الأطراف نحو ضمان التمثيل الكامل للنساء في المشاورات السياسية، وقد ناقشت ذلك بالفعل اليوم في صنعاء.
سيدي الرئيس،
بالرغم من تلك الفترة العصيبة، إلا أن الأطراف قد أبدت بعض الاستعداد لمواصلة الانخراط في تدابير بناء الثقة ذات الغرض الإنساني. حيث يقوم الطرفان بخطوات مهمة، كما تعلمون، نحو تنفيذ الاتفاق الذي توصلوا إليه في منتصف شباط/فبراير في عمان بشأن تبادل واسع النطاق للأسرى. ويستمر مكتبي واللجنة الدولية للصليب الأحمر في العمل معهم لتنفيذ هذا التعهد. في الوقت نفسه، تستمر جهود منظمة الصحة العالمية لضمان تشغيل رحلات الجسر الطبي الجوي، وتصل الرحلات القادمة للقاهرة، مما يسمح للمرضى اليمنيين بالسفر إلى الخارج للحصول على المساعدة الطبية التي لا يمكنهم تلقيها في صنعاء.
ولكن هناك الكثير من الإجراءات الإضافية التي يجب القيام بها. تتحمل جميع الأطراف مسؤولية تخفيف أثر الحرب على المدنيين. يجب أن يعملوا بجد على تبادل الأسرى، وعلى فتح وتأمين طرق في تعز والحديدة ومأرب وغيرها من الأماكن، وقد ناقشت تلك القضية بعينها مع محافظ مأرب الذي أشرت إليه من قبل. كما تتضمن تلك الإجراءات ضمان دفع رواتب القطاع العام في جميع أنحاء البلاد. يجب فتح مطار صنعاء للرحلات الجوية التجارية لتخفيف معاناة اليمنيين. إن هذه الاجراءات إجراءات إنسانية حاسمة، وليس الحديث عنها بجديد، ولا يجب أن تخضع تلك الإجراءات للتسييس.
ومع ذلك، هناك حد، سيدي الرئيس، لمقدار ما يمكننا تحقيقه في غياب العملية السياسية كما أشرت. يجب أن نبقي تركيزنا، وأتعهد بذلك، على إحياء عملية تصل باليمن لمرحلة انتقالية تشمل الجميع بعيدًا عن الصراع. لقد تشاورنا على نطاق واسع مع اليمنيين، كما تعلمون، وسنواصل القيام بذلك، بشأن العناصر الرئيسية لمثل تلك العملية الانتقالية. وقد ظهرت العديد من الأفكار المشتركة، وقد تحدثت عنها علنًا من قبل. أود أن أكرر التأكيد على تلك العناصر، إذا سمحتم لي، لضمان دراية اليمنيين بما هو متاح وممكن.
يجب أن يتم تقاسم السلطة بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية خلال المرحلة الانتقالية، بشكل يشمل النساء والمجتمع المدني، بروح الشراكة والتوافق. كما يجب الاتفاق على ترتيبات أمنية انتقالية لتوفير الأمن للشعب اليمني والتوجه نحو احتكار الدولة لاستخدام القوة. وأخيرًا، سيحتاج الشعب اليمني إلى ضمانات لتخفيف المعاناة الإنسانية وإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي في جميع أنحاء البلاد، حتى تصبح تلك المعاناة التي خلفتها الحرب جزءً من التاريخ.
سيدي الرئيس، أظن أن جميعنا نأمل أن ما وصفته الآن سيصبح حقيقة قريبًا بالنسبة لليمن.
شكرًا جزيلاً