ملخص لورقة بحثية للمحامية اعتصام المقطري
لما كان السلام غاية الوجود ورسالة الإنسانية فإن كل ما ينال من السلم والأمن الشخصي والمجتمعي والوطني والدولي يعد جريمة أو سلوك يوجب المنع والتجريم، وبما إن التكنولوجيا قد ساهمت بشكل كبير في تطوير طال مختلف الجوانب الحياتية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والعلمية، فقد تطورت الجريمة واتخذت من التكنولوجيا سبيلاً لها في حياة المجتمع، حتى كانت جهود الاستجابة الطارئة في بلادنا، ترصد الجرائم الالكترونية في قائمة المشوشات للسلم الاجتماعي.
لذا نستطيع القول بإن الأمية الالكترونية هي مؤشر السلامة في أوساط المجتمع فكلما زاد مستوى الجهل والأمية الحديثة في مجتمع زادت فرص الجريمة الالكترونية, ومن هنا كان مشروع الحد من مخاطر الجرائم الالكترونية وتأثيرها على الكرامة الإنسانية ومن اجل تعزيز فرص الحماية للفئات الضعيفة والمستضعفة في المجتمع, الساعي لمناقشة الصور الواقعية، ففي السياق المحلي بمحافظة تعز، حدثت لمكافحة الجريمة الإلكترونية تحول نوعي ليس على مستوى محافظة تعز فحسب بل على مستوى المجتمع اليمني بشكل عام، حيث تحولت جريمة الابتزاز الإلكترونية من قضية تخص الضحايا وذويهم إلى قضية تخص مجتمع بكامله، بما أنه ظلت جريمة الابتزاز الالكتروني من الجرائم المسكوت عنها في المجتمع اليمني، ففي شهر نوفمبرم2022 م حدثت قفزة نوعية فريدة بشأن مكافحة الجريمة الإلكترونية حيث نفذت وقفة احتجاجية في محافظة تعز ،وتعد
هذه الوقفة أول وقفة احتجاجية في تاريخ اليمن تدين جريمة الابتزاز الإلكتروني، وتأتي هذه الوقفة تضامنا مع فتاة من مدينة تعز تعرض للابتزاز الالكتروني، نالت قضية هذه الفتاة تضامنا واسع من قبل الرأي العام اليمني.
على العموم ليس بوسع أحد أن يقلل من مدى أهمية هذا الوعي المجتمعي للحد من الجريمة الالكترونية، باعتبار مكافحة الجريمة لا تقتصر على الأجهزة الرسمية فحسب بل مهمة مجتمعية قبل كل شيء، والمتتبع إلى حجم هذه المشكلة ومدى ملائمة العمل الضبطي لتحقيق الحماية وآليات الارتقاء بنهج التعامل من الأجهزة المعنية بحماية الفتيات من خلال آليات إجرائية تحول بين الضحية وغاية الإنسان المتوحش الطاغية ضد أخيه الانسان، على نحو يكفل معه درأ فرص استغلال الحاجة والاتجار بالفئات الضعيفة، والحد من فرص التفكك لاجتماعي بزيادة الجريمة، على امل لتقريب العالم الافتراضي وتيسير فرص الاثبات الالكتروني وإجراءات الحصول على الخدمات المعلوماتية.
ولما كان الحكم على الشيء جزء من تصوره فإن من المتوجب بيان الشرعية العقابية باعتبارها الضامن للسلامة المجتمعية ومحامي للكرامة الإنسانية، والوقوف أمام مفهوم الجرائم الالكترونية والقوائم المتعلقة بها وطبيعتها وأسبابها وصور الحماية الجنائية منها من تشريعات الوطنية والإقليمية والاشارة لأبعادها ومخاطرها على السلم والامن ببيان القواعد الجزائية المتعلقة بحماية الأنسان والبيئة الافتراضية بشكل عام، ووفقاً للمادة ( 47 ) من الدستور اليمني تنص بإن المسئولية الجنائية شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو قانوني وكل متهم برئ حتى تثبت ادانته بحكم قضائي، ولا يجوز سن قانون يعاقب على أي أفعال بأثر رجعي لصدوره.
كذلك نصت المادة (50) على عدم جواز العقاب بوسائل غير مشروعة
(دستور الجمهورية اليمنية)، في نفس السياق هناك قواعد تمثل عماد العدالة الجزائية ولازم من لوازم تحقيق العدالة الجزائية في شرعية المحكمة وضمان عدالتها هي:-
لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص (حق الإنسان ألا يعاقب إلا بنص)
لا تسري النصوص الجزائية بأثر رجعي (لا تكليف قبل صدور الشرع)
إقليمية النص الجزائي / والجنائي.
عدم التوسع في تفسير النص الجزائي.
شخصية العقوبة: لا يجوز إنزال العقاب على انسان لم يرتكب الجريمة.
لا عقوبة الا بوسائل مشروعة منصوص عليها قانونياً.
أركان الجرائم الإلكترونية: –
من المعلوم في الفقه الجنائي أن كل جريمة لا تنهض الا بركن مادي يتمثل من الفعل السلوك المجرم وركن معنوي ونشير لها على النحو التالي:
– الركن المادي للجريمة الالكترونية:
الركن المادي هو فعل غير مشروع بإدخال للموقع أو الاعتداء عليها وإما أن يكون وسيله لارتكاب الجريمة ويتكون الركن المادي من ثلاثة عناصر هم:
الفعل / السلوك المجرم
عندما تكون الشبكة العنكبوتية (مكونات النظام) الإلكتروني – مادية وغير مادية) هي هدف الجريمة.
عندما تكون الشبكة العنكبوتية هي الوسيلة المستخدمة
الرابطة السببية بين الفعل والنتيجة.
النتيجة الاجرامية.
-الركن المعنوي للجريمة الالكترونية:
ينهض الركن المعنوي بتوفر القصد الجنائي ويتكون علم وإرادة.
صور التجريم والعقاب
منح القانون اليمني الحماية للوسائل الالكترونية التي تتجلى فيها أفعال الجرائم المنصوص عليها وبيان موقعها القانوني
التجريم المطلق لكل فعل مجرم متى قام في البيئة الالكترونية وتغليظ العقاب.
على الرغم من نهج المشرع اليمني الذي لم يورد الوسائل التي يرتكب من خلالها الأفعال المجرمة إلا أنه وفي ظل التوسع الهائل وتنوع الحجم في الوسائل الالكترونية لمختلف المجالات الحياتية، فقد نظم القانون رقم ( 4) لسنة 2006م بشأن أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الالكترونية حماية عامة لكل البيئة الالكترونية “العالم الافتراضي” من أي سلوك إجرامي يمارسه من خلال الوسائل الالكترونية وقد تضمن القانون القواعد المنظمة لعقاب كل سلوك مجرم من القوانين النافذة وتطبيق العقوبة الأشد من متى ارتكبت الجريمة من خلال الوسائل الإلكترونية.
مبادئ حماية البيئة الالكترونية في قانون أنظمة الدفع:
تجريم أي نتيجة إجرامية تمت بوسيلة الكترونية في المادة (41) بالنص: (يعاقب كل من يرتكب فعلاً يشكل جريمة بموجب أحكام القوانين النافذة بواسطة استخدام الوسائل الالكترونية بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ثلاث مئة الف ريال ولا تزيد عن مليون ريال يمني).
اعتبار قيام الفعل المجرم بوسيلة الكترونية ظرف مشدد بنص المادة (37) مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون أخر نافذ يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون بالعقوبات الواردة في هذا الفصل).
نماذج من الأفعال المجرمة يمكن قياسها من خلال وسائل إلكترونية:
جرائم تقع على الأموال!: يعد الحفاظ على الأموال مقصد من مقاصد القانون ولذلك نظم الحماية من أفعال النصب والاحتيال والابتزاز (استغلال الدعارة) وغسل الأموال وقد كانت الجرائم الالكترونية على الأموال هي من ترسم ملامح الحماية لكل المجالات الأخرى، وقد طالت القواعد القانونية لحماية الأموال في السياق الدولي صور عدة أطرافها بلادنا في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 1 لسنة2010م وتعديلاته بالقانون رقم 17 لسنة 2013م وقوانين عامة وأخرى خاصة وسنشير لبعض النصوص الأكثر شيوعاً في الواقع من التشريعات الجزائية الوطنية، ومن النصوص المختارة لحماية الأموال في قانون الجرائم والعقوبات.
الاحتيال : مادة (310) : يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة من توصل بغير حق إلى الحصول على فائدة مادية لنفسة أو لغيرة وذلك بالاستعانة بطرق احتيالية (النصب) أو اتخذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
الابتزاز: مادة (313) يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات أو بالغرامة كل من يبعث قصداً في نفس شخص الخوف من الاضرار به أو يأتي شخص أخر يهمه أمره ويحمل بذلك بسوء قصد على أن يسلمه أو يسلم أي شخص أخر أي مال أو سند قانوني أو أي شيء يوقع عليه بإمضاء أو ختم يمكن تحويلة إلى سند قانوني.
استغلال الحاجة: مادة (317) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة من أستغل حاجة شخص أو عدم خبرته أو طبيعته فقدم له أو حصل منه على مال أو خدمه لا تتناسب بشكل واضح مع المقابل المالي لها.
أفعال وصور لسلوكيات الكترونية شائعة:-
الابتزاز – استغلال الدعارة
أرسال أرقام للجوالات يتضح انها تهدف للاختراق
الاحتيال واستغلال الحاجة الإنسانية وضعف قدرات مستخدمي الأجهزة الالكترونية في دول العالم الثالث تجعلهم أكثر عرضة
شركات الربح الهرمي الشبكي
العملية الافتراضية
جرائم المخدرات الرقمية
آليات التعامل مع الجرائم الالكترونية :
في سبيل عدم الماس بالحقوق والحريات نص الدستور على ضرورة مراعاة القواعد الإجرائية اللازمة لحماية التهم أو المشتبه به ورتب على عدم مراعاة ذلك البطلان، لذلك من المتوجب على العاملين في جميع الاستدلال التمتع بالإدراك الكامل لهذة التحديات من أجل ضمان حمايتها، وينظم القانون كافة الإجراءات اللازمة للسلامة حال مجالها السلوك الإجرائي في مجموعة قواعد قانونية يطلق عليها الشرعية الإجرائية تبدأ من أول وهله وتنتهي بانتهاء العدالة وأصبح يطلق عليها الامن القضائي.
قواعد الشرعية الإجرائية :-
تمثل الضمانات في الإجراءات من الحقوق الجوهرية المتعلقة بحماية الكرامة الإنسانية وتبدأ منذ جمع الاستدلال والتحقيق والمحاكمة العادلة وحتى الإدانة وتطبيق العقاب فيها تراعي في كافة المراحل هي تتمثل في مبادئ عامة وحقوق إجرائية لا تنفك بعضها عن بعض:
- المتهم برئ حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات ” البراءة الأصلية ” والشك لغير لمصلحة المتهم
- المسؤولية الجزائية شخصية – (ولا تزر وازارة وزر أخرى).
- كفالة حق الدفاع ومبدأ المواجهة
- الحق في الامن القانوني – المواطنون متساوين أمام القانون
- عدم جواز الاعتقال التعسفي.
- الحق في الاستيثاق – سرية الإجراءات في مرحلتي جمع الاستدلال والتحقق
- الحق في عدم الحبس إلا بأمر قضائي وحصر مدة الإيقاف 24 ساعة، عدم جواز القبض أو التفتيش
- الحق في المساواة أمام القضاء
الحقوق الإجرائية :-
الحق في حرمة الحياة الخاصة وسرية المراسلات البريدية والسلكية واللاسلكية والاتصال.
مادة (14) لا يجوز المساس بحرية الحياة الخاصة للمواطنين في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون، ويعتبر مساساً بها ارتكاب احد الأفعال الاتية :-
استراق السمع أو تسجيل أو نقل المحادثات التي تجري في مكان خاص أو عن طريق الهاتف أو عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه.
التقاط أو نقل صورة شخص في مكان خاص بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه.
الاطلاع على الخطابات أو الرسائل أو البرقيات أو مصادرتها.
الحق في عدم وضع القيود.
الحق في الإبلاغ وتوثيق الإجراءات.
حظر تعذيب المتهم أو معاملة بطريقة غير إنسانية.
جلسات المحاكم علنية ( الا اذا قررت المحكمة جعلتها سرية مراعاة للنظام العام والاداب وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية )
يحظر تسليم أي مواطن يمني لأي سلطة أجنبية.
الحق في الحماية الخاصة وعدم سقوط الحق
إقليمية النص الجزائي
سرية الإجراءات.
آليات المشاركة لمكافحة الجرائم الالكترونية :
بقدر انتشار الأمية الالكترونية تكون فرص الجريمة الإلكترونية من جرائم الاستغلال والاحتيال الإلكتروني نظراً لتدني مهارات التعامل مع التقنية، وفي ذلك تتسع شريحة الضحايا المباشرين وغير المباشرين والمحتملين وغير المشمولين ومن لا يدرك انهم ضحايا وهذا ما حمل مؤتمرات الدول الأطراف في اتفاقية الجريمة المنظمة عبر الوطنية والجرائم ذات الصلة بها بما فيها جرائم المعلوماتية والتقنية والإلكترونية وهذا ما يوجب توسيع نطاق المشاركة للحد من الجريمة ومنع إفلات الجناة من العقاب والعمل على تجسيد الإرادة الشعبية لصناعة التحول نحو الحماية الاجتماعية التي تعد أساس العدالة الاجتماعية بحسب أدبيات الأمم المتحدة، ويقتضي المقام العمل على المشاركة والمناصرة لصناعة قواعد تحقق السكينة العامة وترسخ الحماية في العالم الافتراضي، من خلال الاتي :
التدابير والنهج الدولي للوقاية من الجريمة.
المشاركة المجتمعية في مكافحة الجريمة في اليمن.
صور لحماية الأشخاص من الجرائم الالكترونية
انتهاك حرمة المراسلات مادة (255) : يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة من فتح بغير حق خطاباً مرسلاً لبى الغير أو احتجز رسالة برقية أو هاتفية ويعاقب بالعقوبة ذاتها من أختلس أو اتلف إحدى هذه المراسلات أو افضى بمحتوياتها إلى الغير ولو كانت الرسالة قد أرسلت مفتوحة أو فتحت خطأ أو مصادفة ويقضي بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بالغرامة إذا ارتكب الجريمة موظف عام إخلالاً بواجبات وظيفته.
الاعتراف على حرمة الحياة الخاصة مادة (256)* : يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل من اعتداء على حرمة الحياء الخاصة وذلك بان ارتكب احد الأفعال الاتية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني علية.
- استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق الهاتف.
- التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه صور شخص في مكان خاص.
فإذا صدرت الأفعال المشار إليها في الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع فانة رضاء هؤلاء يكون مفترضاً
ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة الموظف العام الذي يرتكب احدى الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماد على سلطة وظيفته. ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها.
التهديد بإذاعة الأسرار الخاصة: مادة( 257) : يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بالغرامة كل من اذاع أو سهل إذاعة أو أستعمل ولو في غير علانية تسجيلا أو مستندا متحصلاً علية بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان ذلك بغير رضاء صاحب الشأن ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التي تم الحصول عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات الموظف العام الذي يرتكب احدى الأفعال المبينة هذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته. ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو تحصل منها كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو انعدامها.
•المراجع:
- دستور الجمهورية اليمنية.
- قانون الجرائم والعقوبات.
- قانون الإجراءات الجزائية.
- قانون مكافحة الفساد.
- قانون الاتصالات السلكية واللاسلكية وتعديلاته.
- الدليل الارشادي لمكافحة الجرائم الالكترونية في التشريع الوطني للباحث (القاضي سليمان الصلوي)