المواطن نت/ تقرير – مكين العوجري
بات الحصول على حماية من الاوبئة والمخاطر الصحية حلم يتوارى بعيداّ عن مئات الالاف من اليمنيين الذين اصبحوا بين إهمال السلطات وغياب دور المنظمات الدولية والمحلية العاملة في الجانب الانساني.
وعلى امتداد فترة جائحة كورونا وفي ذروتها تزدحم الاسواق والشوارع والاماكن العامة في اليمن، فالكثير من الأسر تعتمد على الدخل اليومي والمحدود، لذا يعمل اغلب أرباب الأسر على المغامرة و الذهاب الى ممارسة اعمالهم للحصول على تكاليف الخبز و مستلزمات العيش.
مغامرة الخبز
“أم مازن” تعول ثلاثة ابناء و والدتها وتسكن في دكان صغير تتخذ بمقابل مالي تدفعه للمالك، وفي ذروة جائحة كورونا تخاطر بحياتها رغم مخاوفها من الاصابة بالفيروس ونقله الى أفراد أسرتها لكنها لم تجد حل سوى الاستمرار في الذهاب الى البحث عن عمل في منازل الحي الذي تسكنه وسط مدينة تعز جنوبي اليمن.
وتقول ام مازن “اذهب للعمل في بعض المنازل من اجل اطعام اولادي و ليس لدي من يقف في جانبي لذلك سوف اعمل المستحيل من اجلهم كوني انا الموجودة في حياتهم”، مشيرة الى انها تغامر في الخروج من المنزل وذلك مقابل الحصول على قليل من المال والذي قد لا يزيد عن مائة ريال يمني ولا تكفي لشراء الخبز.
و تضيف “فكرت كثيراً في ان لا أذهب الى خارج المنزل خوفاً من الإصابة بكورونا ولكن وجدت نفسي مجبرة على ذلك، واذا لم اذهب للعمل سوف يموت الصغار من الجوع”.
وخلال فترة جائحة كورونا حصلت على سلة نظافة مكونة من صوابين وادوات تنظيف فقط من احدى المنظمات والتي لا تكفي لشهر واحد بينما لم تحصل على اي مساعدات غذائية، بالاضافة الى تراكم اعباء تكاليف إيجار الدكان الذي تسكنه، واذا لم تدفع سيتم طردها الى الشارع.
أسر تواجه المصير
ينص قانون وزارة الصحة العامة والسكان على حجر المصابين والمشتبه بهم ومنعهم من الانتقال الى وسائل النقل العامة والخاصة ووضع اليد احترازياً على المباني ووسائل النقل للمدة التي تقتضيها الضرورة مقابل تعويض عادل، ولم يرد القانون اي نصوص قانونية تشير الى التزام الدولة بكفالة حق الغذاء للاسر ذات الدخل المحدود في الكوارث الطبيعية وانتشار الاوبئة من اجل حمايتها كونها لا تجد تكاليف العيش الا بشكل يومي والتي ستتوقف في حال حظر التجول.
ظلت الكثير من الأسر تواجه مصيرها بسبب غياب الاهتمام الرسمي اتجاههم واشتداد الازمة الاقتصادية في البلد الذي يشهد حرب منذ مايقارب سبع سنوات فقدت فيها اجهزة الدولة دورها في مواجهة اي حدث طارئ، حيث يقول المحامي صلاح الشرعبي ، ان اجهزة الدولة التنفيذية هي المسؤول الاول في مواجهة اي كارثة، ويجب عليها استنفار طاقاتها من اجل وضع حلول قبل حدوث الكارثة من اجل حماية المجتمع من اي مخاطر وهذا العمل واجب اصيل على الدولة وحق اساسي للمواطن على السلطة.
واضاف الشرعبي “خطر الاصابة بالفيروس تتحملها اكثر من جهة رسمية واهلية ومجتمعية والجميع مسؤول في انقاذ الناس”.
واشار صلاح الشرعبي الى ان للمواطنين المتضررين من جائحة كورونا الحق في مقاضاة اجهزة الدولة في حال تنصلت عن مهامها او التهاون بارواح الناس وخاصة الجهات المختصة كون القانون اليمني يكفل للمواطن حق الحماية والعيش.
مساعدات مالية
وفي ظل تفاقم الاوضاع الانسانية في اليمن وانخفاض المساعدات الانسانية لم تظهر اي انشطة اغاثية للاسر ذات الدخل المحدود وخاصة فيما يتعلق بالغذاء والدواء ، وفي هذا الصدد يقول الدكتور ابراهيم المسلمي مدير مؤسسة تمدين في تعز (منظمة غير حكومية) ان دور المنظمات الإغاثية يتمثل في تلبية احتياجات الفئات الأشد ضعفاً وعلى وجه أخص في ظل جائحة كورونا.
واشار الى ان المنظمات لم تتدخل في مساعدة الاسر ذات الدخل المحدود بسبب انخفاض المساعدات الإنسانية لليمن بنسبة كبيرة .
واضاف المسلمي ” من حق الأسر الحصول على الحماية من الإصابة بفيروس كورونا، و هناك عدد كبير من العاملين بالأجر اليومي وهذا يعني أنه يجب تخصيص موازنة مالية كبيرة لهذا الجانب حتى يتمكنوا من البقاء في منازلهم تجنباً للإصابة بالفيروس”.
وقال المسلمي “المنظمات تنظر إلى أن فيروس كورونا يرتبط بالوعي بدرجة أساسية ولذلك أية تمويلات يتم توجيهها لجائحة كوفيد 19 ترتبط بالجانب التوعية وتقديم الدعم للمرافق الصحية التي تقدم الرعاية للمصابين بفيروس كورونا”.
غياب الرؤية
وترى الناشطة المجتمعية مها عون ان مشارييع المنظمات لم تٌرفع حسب احتياجات مجتمعية ولايوجد رؤية واضحة ويتم تنفيذ مشاريع عامة وخاصة في مجال الغذاء بشكل عشوائي من حيث الاختيار والتوزيع والفترة الزمنية.
واشارت عون الى ان برنامج الغذاء العالمي هو البرنامج الوحيد و الذي استمر عمله المعتاد بعيدا عن الجودة السيئة والكمية القليلة التي لاتفيد الاسرة بشكل كافي، مؤكدة انه وخلال جائحة كورونا لم يكن هناك تنسيق او توجيه من قبل الجهات المعنية للمنظمات العاملة في المجال الانساني.
واضافت مها عون “في ظل القرارات التي اصدرتها السلطة المحلية بمنع التجمعات هنا كانت الصاعقة الكبرى للأسر التي تعمل في الاعمال اليومية و اصحاب البسطات، ومايكسبه رب الاسرة في فترة غير كورونا لاتكفيه فكيف بوجود كورونا ومنع العمل”.
وفي العام الفائت دعت حركة FIDH لحقوق الانسان (حركة عالمية) جميع الأطراف المتحاربة والدول المانحة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات فورية وعاجلة لضمان الحد من تفشي كوفيد-19 المحتمل، وأثره الكارثي المتوقع في اليمن، حيث يتعرض المدنيون للخطر بشكل خاص وحاد.
وقالت الحركة في بيان لها “نؤكد على ضرورة أن تتحمل السلطات في مختلف أنحاء اليمن مسئولية اتخاذ تدابير وقائية وخطوات فعالة لحماية الأشخاص في المناطق الخاضعة لسيطرتها من انتشار وباء كوفيد-19، ولكن ينبغي أن تحترم الاستجابة للفيروس حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك التمويل الذي سيساعد في منع انتشار فيروس كورونا.
وبحسب تقرير صادر عن برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة فإن حوالي 16 مليون مواطن يمثلون أكثر من نصف سكان اليمن يعانون الجوع، و أن 5 ملايين من هؤلاء على شفا المجاعة.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من اجل حقوق الانسان و الشؤون العالمية في كندا