المواطن / تعز
على مدى ثلاثة أيام متتالية، بدأ من الثلاثاء الماضي 22 ديسمبر، وحتى الخميس 24 ديسمبر 2020م، نفذت مؤسسة أنجيلا، بدعم من مؤسسة فريدريتش إبيرت (FRDRICH EBERT) في محافظة تعز، جنوب غرب اليمن، سلسلة ندوات حول قضايا ومشكلات التحول الديمقراطي لأحزاب اليسار في اليمن: “الحزب الإشتراكي، والتنظيم الوحدوي الناصري نموذجاً”.
واستهدفت هذه الندوات، التي قدم فيها عدد من دكاترة جامعة صنعاء تسعة أوراق عمل بحثية؛ بواقع ثلاث أوراق في كل يوم، أربعين مشاركًا ومشاركة من كوادر الحزبين؛ بواقع 20 عن الحزب الاشتراكي اليمني بتعز، و 20 عن التنظيم الوحدوي الناصري.
وتحدثت أوراق الندوة الأولى، يوم الثلاثاء الماضي، عن الجذور المعرفية للديمقراطية، وتحولها إلى نظام سياسي، والتحول الديمقراطي (التحديات والمعالجات)، والأسس القانونية، وناقشت أوراق الندوة الثانية أشكال الدولة الحديثة من ناحية سياسية، ومعرفية، وقانونية، وكيفية بناء هذه الدولة وإدارتها، فيما ناقشت أوراق الندوة الثالثة الواقع السياسي، وتحديات الدولة قبل الوحدة (سيادة المؤسسات)، وبناء الدولة في اليمن، والديمقراطية، وبنية وثقافة الأحزاب السياسية.
وفي ختام الندوات، الخميس، أوضحت الدكتورة أنجيلا أبو أصبع، رئيسة مؤسسة أنجيلا للتنمية والإستجابة الإنسانية، وأستاذ مساعد في جامعة صنعاء، أنه تم اختيار الحزب الاشتراكي، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، نموذجًا؛ “لضرورة معرفة ومناقشة أشياء كثيرة عن الحزب الاشتراكي، والتنظيم الناصري”.
وأضافت أنجيلا في تصريح خاص لـ”المواطن”: “أردنا أن نعمل نوعًا من التنشيط لهذان الحزبان؛ الاشتراكي، والتنظيم الناصري، خاصة، ونحن نتكلم عن الحزب الاشتراكي اليمني الذي حكم اليمن الجنوبي فترة زمنية كبيرة، وهو ضمن الأحزاب المعروفة عالميًا، والتنظيم الناصري أيضًا، وأردنا أن نرى أين هما من الوضع القائم”.
التحول الديمقراطي
وفي تصريح لـ”المواطن”، أكد الدكتور عبدالكريم قاسم، أستاذ الفلسفة بجامعة صنعاء، أن الندوة تطرقت لموضوع التحول الديمقراطي في اليمن، ودور أحزاب اليسار في التحول الديمقراطي، وعلاقة التحول الديمقراطي بأحزاب اليسار؛ كالحزب الاشتراكي، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري.
وقال: “ناقشت الأوراق قضايا مهمة تتعلق بالتحول الديمقراطي”، وتحدث عن ورقته التي تناولت تحديات التحول الديمقراطي بقوله: “ناقشت فيها المسائل، والتحديات المتعلقة التي كانت موجودة سابقًا، وستظل، ولكن هناك تحديات جديدة فرضتها هذه الحرب التي لم نشهد لها مثيل في تاريخ اليمن، وبالتأكيد التحول الديمقراطي مرتبط بالفترات الانتقالية؛ سواءً انتقال من النظام السلطوي الاستبدادي إلى نظام ديمقراطي في الأحوال العادية؛ متى ما وجدت التنظيرات السياسية، أو انتقال من الحرب إلى بناء السلام، وهذه من الأولويات. أن هذا الانتقال هو عملية التحول الديمقراطي؛ ولأن عملية التحول الديمقراطي، تقريبًا، تحتوي على كل العمليات التي لها علاقة ببناء السلام، ومنها العدالة الانتقالية مثلًا، وإعادة بناء الدولة على أسس جديدة، وأيضًا إمكانية السيطرة على بناء جيش وطني ذو عقيدة وطنية ومهارية؛ ليس مجرد أداة”.
وأشار إلى أن “هذه الحرب أوجدت مشاكل كثيرة، طبعًا مؤتمر الحوار الوطني وضع إطارات لكل هذه المواجهات للتحديات، وما إلى ذلك، ولكن وضعية الحرب غيرت كثير من الأشياء التي ينبغي إعادة النظر فيها الآن، مع الأخذ بالاعتبار أن مؤتمر الحوار الوطني يمكن أن يكون قاعدة للنقاش”.
ذات أهمية
وأشاد المشاركون من أعضاء الحزبين بهذه الندوة، والمحتوى المعرفي الذي قدمته، متطرقين إلى بعض الملاحظات حولها؛ إذ قال عبدالرقيب الشرعبي، أحد المشاركين عن الحزب الاشتراكي، إن “إقامة مثل هذه الندوات مهم من أجل تعزيز الوعي السياسي في إقامة تحالفات وطنية على أسس ديمقراطية، وأيضًا عمل تقارب أكبر بين مكونات اليسار اليمني، وإثراء الكثير من القضايا والأفكار عبر النقاش والطرح الأكاديمي، وأضاف: “كل ما تضمنته الندوة من محاور، وأفكار، وسياسات عامة أفادت، بالمجمل، الأحزاب السياسية، وأثرت معلومات كثيرة لدى كل المشاركين في جوانب عدة؛ منها بناء الدولة الحديثة والديمقراطية”.
وأكدت داليا الكوري، إحدى المشاركات عن التنظيم الوحدوي الناصري، أهمية مثل هكذا ندوات في ظل هذه الظروف، والتي تساهم في إعادة الاعتبار للعمل الديمقراطي والسياسي الذي تراجع؛ بسبب الحرب الدائرة في البلاد، مشيرة إلى أن هذه الندوة أكسبتها المعرفة في عملية التحول الديمقراطي للحزبين: الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الناصري، ومعوقات هذا التحول، متمنية استمرار مثل هذه الندوات، وأن تستهدف الشباب؛ ذكورًا وإناثًا، بدرجة كبيرة، بما يسهم في تنمية وعيهم.
وشددت ميسون الكوري، إحدى المشاركات عن الإشتراكي، على “أهمية هذه الندوة في هذه الظروف التي تقتضي حصولنا على مزيد من المعلومات والمعرفة، بالذات، في محافظة تعز”، مؤكدة أن الندوة أضافت إلى معرفتها الكثير من المعلومات المتعلقة بمفاهيم التحول الديمقراطي، والدولة، وأشكالها، وبنائها، وأن الأبحاث التي قدمت فيها ستتخذ منها مراجع قيمة لها.
بدوره، أوضح أحمد نبيل، المشارك في الندوة عن التنظيم الناصري، أنه من المهم إقامة مثل هذه الورش، والندوات التي لها دور إيجابي على مسار إعادة الروح السياسي رغم ظروف الحرب الذي تمر بها البلاد، وتقلص دور الأحزاب السياسية.
وعن الفائدة المتحققة من هذه الندوة، قال: “أستفدنا، نوعًا ما، من الإخوة الدكاترة الذين عدوا الأوراق، رغم أنه كان هناك انفصام نسبي بين العنوان الرئيسي للفعالية؛ الذي كان نقطة تركيزه على تجربة الحزبين الأساسين؛ كنموذج الاشتراكي، والناصري، وبعض الأوراق التي لم تركز على هذا النموذج، وكانت، غالبًا، متشعبة، وخرجت إلى الإطار العام، وإلى مقدمة ثقافية حول مفهوم الدولة، وجوانب تاريخية”، وأضاف: “جيدة أنها أرخت الأوراق، وأصلت لبعض الجوانب التي كانت بحاجة إلى التأصيل”.
وأشار إلى أنه “كان من الأفضل لو كان نقد الرؤى من داخل الأحزاب نفسها؛ لنقد المسار الديمقراطي أو الممارسات الديمقراطية، داخل الأحزاب، في الأداء الداخلي للأحزاب، وفي الإطار الخارجي مع بقية المنظومات السياسية، خاصة، في مراحل ما بعد الوحدة، بالذات، من بداية التسعينات”، مشيراً إلى الحاجة العملية إلى التحول الديمقراطي رغم الظروف الصعبة، ورغم انسداد الأفق السياسي، مضيفًا: “تبقى واحدة من النقاط المهمة من هذه الفعاليات أنها تفتح لنا أفقًا للأمل”.
وأشارت أنجيلا إلى أن هذه الندوات “حققت نجاحًا كبيرًا؛ حيث جرى مناقشة الأوراق، وكان هناك نقاش بين الحضور، وخرجنا بالكثير من التوصيات والمقترحات من قبل الحضور؛ للإثراء والتعديل، وكانت نسبة النجاح من ٨٠ إلى ٩٠ ٪”.
ندوات قادمة
ووعدت أنجيلا بتنفيذ ندوات مماثلة في المستقبل القريب، وقالت: “هناك سلسلة ندوات كبداية، وستكون هناك العديد من الندوات الأخرى، لا تتبع نفس هذه الندوة؛ وإنما مواضيع مختلفة”.
وأضافت: “سنناقش مع لجنة علمية؛ هل، فقط، نقتصر على هذه الندوات في الأيام القادمة للحزب الإشتراكي، والتنظيم الناصري كنموذجًا؟! أو ندخل بقية الأحزاب الأخرى؛ بحيث يكون هناك إثراء أكبر لهذه المواضيع”.