المواطن/ كتابات ـ مطيع دماج
منذ خطوته المجيدة الاولى، عانى يوم ٢٦ سبتمبر ، بما شكله من تحول تأريخي فريد في طبيعة النظام السياسية و الاجتماعية من شكل متخلف وغابر لملكية سلالية كهنوتية وطائفية مستبدة قائمة على تمايز اجتماعي وطبقي فاضح إلى نظام جمهوري يقر بالمساواة القانونية الكاملة بين كل افراد الشعب وينشد مساواة اجتماعية عادلة وكاملة من خلال( ازالة الفوارق بين الطبقات) ؛ عانى من محاولات مستمرة للطمس و التحريف و الارتداد و الإفراغ من كل محتوى. ورغم نجاح قوى الثورة المضادة في تكبيل الامل الضخم الذي بعثته ثورة ٢٦ سبتمبر في روح الشعب و في النيل من الوهج العبقري لما أنجزه هذا اليوم من تحولات عميقة وتأريخية في وضع اليمن و شعبه، الإ ان تلك القوى( قوى الثورة المضادة والامامة المقنعة) فشلت في كبح التدفق الخلاق لقوى الشعب و افراده في سياقات التغيير والانتماء للعصر. ورغم كل الحروب التي شنت ضد الشعب وقوى سبتمبر، ورغم كل القمع و التعذيب والنهب و الافساد، واصلت بنى سبتمبر وقواه الدافعة في تحويل ابناء الفقراء الى اساتذة جامعات واطباء ومهندسين. طاقة التحرير و الحرية المنبعثة بفعل ثورة ٢٦ سبتمبر العظيمة تجاوزت نخب وقيادات سبتمبر المخلصة لمباديء الثورة واهدافها الى الشعب في قراه المنسية و الافراد في توقهم للحياة. قُتل العديد من قيادات سبتمبر وقضى آخرون في السجون والمنافي اخر لحظات حياتهم، لكن الطريق الذي مهدته الثورة، والعجلة التي حركتها عبقرية ٢٦ سبتمبر كانت اقوى من أن يتم قتلها أو سجنها أو نفيها. تعرضت مضامين الثورة الخالدة للتشوية وبنى النظام الذى ارسته للحرف والافساد و الجيش الذي انبثق منه كجيش للشعب( بعد ان ظلت الجيوش تتشكل من القبائل الموالية للامام الحاكم) للتدمير والتخريب. مر أكثر من خمسين عام، قبل أن تنجح تلك القوى الظلامية في التعطيل الكامل لعجلة الانتماء و التأريخ السبتمبري. في ٢١ سبتمبر أفصحت تلك القوى عن حقيقتها سافرة. تلك الحقيقة التي كانت محل انكار و اتهام لم تعد تخشى احد. فالقوى التى حاربت ٢٦ سبتمبر و عملت على تشوية مضمامين الثورة العظيمة و إيصال الدولة التي تمخضت عنها إلى الحضيض وشاركت في النهب و الافساد، هي نفسها التى تتهم الثورة العظيمة بالمسؤولية عن وصول البلاد الى ما وصلت اليه. اللصوص و القتلة الذين نهبوا سبتمبر العظيم هم أنفسهم ملوك وسدنة العصر الميت المخيم فوق البلاد كالكابوس، الذي يحاولون بعثه من قبر العصور المظلمة. من سرقوا سبتمبر ٥٣ عام، اليوم يتهمون سبتمبر. لكن الاهداف التي اعلنتها ثورة سبتمبر العظيمة ماتزال مطلباً ملحاً على جدول اعمال التأريخ اليمني. ماتزال غايات تلك الاهداف إحتياجاً لا غنى عنه لابناء الشعب اليمني. ومن يتلفت، الان، يدهش حين يرى ألق الثورة العظيمة ، ثورة ٢٦- سبتمبر ١٩٦٢ ينبعث عالياً كيوم ولدته في نفوس الشرفاء من الناس، في نفوس الفقراء الذين طحنتهم سنوات استيلاء الثورة المضادة على دولة سبتمبر. هؤلاء الذين لم يربحوا سوى الشعور بالحرية و القليل من المعرفة التي تضيء لهم معنى الحياة الكريمة ومعنى الذات الانسانية والوجود اللائق تجدهم يعلنون أن عدوهم هو من منع سبتمبر من تحقيق وعوده، وان اهداف ثورة ٢٦- سبتمبر وانحيازاتها ما تزال تمثل اهدافهم و احتياجاتهم.
لقد مثل الانقلاب النهائي السافر ل يوم العار ٢١- سبتمبر دليلاً لا يقبل الشك، ان مهام ثورة ٢٦- سبتمبر ( وهو موضوع لطالما ثار حوله الجدال و القتال بين القوى السياسية المختلفة) و اهدافه ماتزال مطروحة على جدول التأريخ اليمني.
المجد و الخلود لثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢
بوركت الحياة،
بورك الأحياء،
فوق الارض
لا تحت الطغاة.