المواطن/ كتابات ـ فهمي محمد
على إثر التحضيرات السياسية والدستورية المتعلقة بإعلان الوحدة اليمنية وعلى وجه التحديد في 1989/ تشكل التحالف السياسي الغير معلن بين صالح وقيادات الإخوان المسلمين يتعلق بمستقبل دولة الوحدة اليمنية، لاسيما وأن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي تشكل في عام 1982/ كان يضم في طياته خليط غير متجانس من المكونات السياسية والاجتماعية التي لم تذوب أو تفقد شخصيتها الإعتبارية في إطار هذا التجمع السياسي ={ اخوان مسلمين، بعثين شيوخ القبائل عسكريين وشخصيات سياسية وإدارية في جهاز السلطة الحاكمة في الشمال } وعلى إثر إعلان دولة الوحدة في 22 من مايو 1990/م مصحوبة بشرط الديمقراطي والتعددية السياسية، أعلنت الأحزاب السياسية عن وجودها السياسي والتنظيمي، وتأسيس في نفس العام حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي بدأ منذ الوهلة الأولى متحالفاً مع صالح بعد أن قدم هذا الأخير تنازلات كبيرة كعربون صداقة لأجل هذا التحالف السياسي الغير معلن رسمياً مع حزب التجمع اليمني للإصلاح، وعلى وجه التحديد خلال الفترة الإنتقالية التي كانت معنية بدرجة رئيسية بضرورة إستكمال بناء دولة الوحدة اليمنية ( الدولة الوطنية الأولى في تاريخ اليمن القائمة على فكرة الشراكة الوطنية بين الشمال والجنوب ) بمعنى آخر نستطيع القول أن الفترة الإنتقالية كانت معنية بتنفيذ مهام واستكماله بغض النظر عن الوقت المحدد لها زمنياً بالنسبة لمن كان يؤمن بفكرة الدولة .
على إثر هذا التحالف السياسي الغير معلن رسمياً تحول مفهوم الدولة ومفهوم الشراكة الوطنية إلى قضية نضالية سياسية بالنسبة للحزب الإشتراكي الذي انتقل بكل ثقله إلى صنعاء عاصمة دولة الوحدة، لاسيما بعد ظهور ملامح سو النية من قبل صالح وحزبه، لكن الغريب في الأمر أن الحزب الإشتراكي مع إدراكه الشديد لحقيقة أن دولة الوحدة القائمة على مفهوم الشراكة الوطنية قد تحولت إلى قضية نضالية بالنسبة له خصوصاً وأن شريكه في اتفاقية الوحدة ={ صالح } بدأ يتنصل عن تنفيذ ما تم الاتفاق على تنفيذه خلال الفترة الإنتقالية، ناهيك عن أن التحالف الغير معلن بين المؤتمر الشعبي والإصلاح بدأ يضغط على ضرورة الذهاب إلى انتخابات نيابية كحل للأزمة بغض النظر عن عدم إستكمال مهام الإصلاح السياسي والاقتصادي المتعلق بقيام دولة الوحدة = { الدولة الوطنية } على اعتبار أن بناء هذا الأخير يجب أن تكون من مهام الحكومة المنتخبة ديمقراطياً من قبل الشعب، في حين كان الاشتراكي يرى أن الفترة الانتقالية هي فترة مرتبطة ببناء الدولة الوطنية التي تعمل على تسوية الملعب السياسي أولا ً أمام كل المكونات السياسية المتنافسة ديمقراطياً على حكم السلطة في ظل دولة الوحدة، وذلك لن يحدث إلا في حال أن تتحول السلطة الحاكمة في صنعاء إلى دولة لكل اليمنيين،
نعود ونقول مع إدراك الحزب الاشتراكي لخطورة ذلك إلا أنه ارتكب أحد الأخطاء الكبيرة حين كان يخوض معركة بناء دولة الوحدة ولم يكن حريصاً في نفس الوقت على إيجاد تحالف سياسي مع أحزاب سياسية ترى أن وجود الدولة يصب في صالحها مثل الأحزاب اليسارية والقومية على سبيل المثال فقط،
لايعني ذلك أن الإشتراكي لم يفكر في ذلك أو أنه لم يتواصل بهذا الخصوص بل يعني أن الإشتراكي يتحمل مسؤولية عدم النجاح في تحقيق ذلك بشكل مبكر لكونه كان قادراً على تقديم بعض التنازلات مهما يكن حجمها لبعض الأحزاب في المعارضة لاسيما وأنه من موقعه السياسي والقيادي على مستوى السلطة والتجربة مع السلطة في الشمال يدرك خطورة ماذا يعنى أن ينجح صالح وحلفائه في الإنقلاب على مشروع دولة الوحدة ={ الدولة الوطنية } القائمة على مفهوم الشراكة الوطنية بين الشمال والجنوب وتحديداً بعد أن نجح الحزب الإشتراكي اليمني في مسألة أن يحضر الجنوب إلى دولة الوحدة بمشروعة الوطني المؤمن بدرجة رئيسية بالهوية الوطنية الجامعة لكل اليمنيين، وهذا بحد ذاته كان منجز تأريخي وكبير اشتغل عليه الحزب الإشتراكي طوال ثلاثة عقود من تجربة حكمه لجنوب اليمن .
يتبع….