المواطن/ كتابات ـ دماج نصر ( مجاهد )
ان قيام الجبهة الوطنية الديمقراطية كان ثمرة حوارات طويله رافقت الحركة الوطنية منذُ فجر السبعينيات ، وتكللت بنجاح في 11 فبراير عام 1976م ، حيث انضمت كل من فصائل اليسار الخمس الى جانب حزب البعث والناصريين و السبتمبرين وشخصيات وطنية اخرى .
وبالرغم من انسحاب الناصرين وفيما بعد البعث الا انها استمرت بفضل تلاحم فصائل اليسار الخمس التي تشكلت كقوى اجتماعية صاحبة مصلحة مشتركة في الثورة والتغيير .
قامت الجبهة الوطنية بنشر العمل التعاوني والخدماتي مثل بناء المدارس وشق الطرقات واصلاح ذات البين و مساعدة المحتاجين كهدف مرحلي منبثق من الهدف العام للجبهة الوطنية المتمثل في السيادة الوطن الديمقراطية للشعب الوحدة لليمن .
الامر الذي ازعج النظام وخاف من ان يسحب البساط من تحت اقدامه حيث ان طبيعة الأنظمة القمعية الاستبدادية عندما تشعر بوجود حركة وطنية في منطقة معينة تعمد على قمعها واخمادها بالمهد .
وفعلاً تم نشر الحملات والاعتقالات والمطاردات والقمع والتنكيل بكل المناطق التي يتواجد فيها عناصر الجبهة الوطنية .
حيث بدأت حملات القمع والتنكيل في بداية عام 72 م ، فخرجت حملة عسكرية بقيادة علي ناصر شويط وقبائل اخرى وداهمت عزلة بني سري ، والأمجود ، ونكلت بتلك المناطق فنهبت جميع ممتلكات المواطنين من اغنام وابقار واواني منزلية وحتى حلي النساء ، وتم هدم بعض المنازل ، واحراق بعض المزارع ومصادرة البعض الاخر .
وعادة كان النظام في مداهماته العسكرية تلك لا يكتفي بجنوده بل كان يجيش الى جانب جنوده ركائزه من العملاء والاتباع في المناطق المجاورة .
الحاصل انه تم شن حملة اعتقالات واسعة ، كان في مقدمة المعتقلين الرفيق المناضل ( عبدالله عبدالطيف ، ومحمد احمد حسن واخرين .
وتم قتل كلاً من الشيخ عبدالله عبد الحميد ، و الرفيق علي محمد الرفاعي ، و الرفيق علي دبوان قحطان ، واخذ جثمانه و رميها امام مركز مديرية السلام لتبشير القادة المتواجدين هناك من باب التنكيل ، وبعدها اتى فاعلين الخير واخذ جثمان الشهيد وتم قبره في مقبرة جوار مركز الناحية .
كما جرح يومها الى جانب الشهيد علي دبوان الرفيق محمد سيف قاسم ( مجيب ) ، وجرح رفيق اخر من البعادن ( .. )
وبعد ان تم الافراج عن المعتقلين من قبل القايد العسكري ( علي شويط) واعادتهم الى منازلهم المهدومة اصلا ً وتسليمهم مزارعهم المصادرة ، لم يحلو للنظام ذلك فعمد على إرسال مجموعة من المتنفذين بقيادة ضابط الاستخبارات ، او ماكان يطلق عليه ( الجهاز المركزي للأمن الوطن) عبدالقوي مسعود بغرض اعادة اعتقال الرفاق الذي تم الافراج عنهم ، وفعلا وصل الى ( بني سري ) .
ومن ضمن من تم اعادة اعتقالهم الرفيق عبدالله عبدالطيف ، والرفيق محمد احمد حسن ، واخرين .
وفي اواخر عام 72 م – تم فصل مديرية السلام عن مديرية الرونة حين كانت تظم مديرية الرونة مناطق من مديرية شرعب السلام ليتسنى للنظام السيطرة على هذه المناطق الملتهبة و العاشقة للتغيير ، والتي لطالما عانت وتعاني من الجور والحرمان من ابسط الحقوق .
وفي عام 1978م خرجت حملة عسكرية بقيادة حسين الحدي داهمت بني سبا وما جاورها من قرى العسيلة ، و الامجود وبني سري ، وقامت بحملة اعتقالات واسعة ، كان على راس المعتقلين ( الرفيق الشهيد مارش حمود قاسم ، والرفيق المرحوم احمد عبدالرحمن ، والرفيق حمود احمد حزام ، و الرفيق مهيوب احمد علي ، والرفيق عبده انعم احمد ، والرفيق خالد حسن عبد الفقيه ، والرفيق محمدناجي علي حاتم ، والرفيق الشهيد يحي محمد حسن البحيري ووالده ) وتم الزج بهم في سجن جهاز الامن السياسي لمدة عامين تحت التعذيب الجسدي والنفسي .
ومع بداية شهر 5 من عام 1980 م شنت السلطة عدة حملات عسكرية :
الحملة الاولى :
من مديرية الرونة :
اتجهت عبر قُبير ، وبني زياد ، وصولاً الى جبل خواله في بني سري ، والى دار الحاج عبدالله قاسم عدن بركة ، وجبل دجير غرب دارالحاج ، وسوق الحرية ، ودار المقطار شرق سوق الحرية .
الحملة الثانية :
من شرعب السلام اتجهت من بني وهبان مروراً بمناطق السهيلة و الوريدة وقيد ، وصولا الى بني سري .
الحملة الثالثة :
من شرعب السلام ايضا ً مرورا من بني سبا وصولا الى الامجود .
الحملة الرابعة :
عبر شرعب المخلاف مروراً بالموسس والظهير والخميس ، وصولا ال القبعة ودار القسم راس الامجود والصنع .
وفي. تاريخ 24/5 من العام نفسه
تم الاستيلاء على موقع جبل الصنع من قبل حملات النظام ، مرد ذلك ان الحملات كانت. تتفوق بالعتاد العسكري والبشري مقارنتا ً مع الجبهة الوطنية ، اظافة الى انه تم توزيع قوات الجبهة الوطنية على مساحات واسعة ، الامر الذي شتت قوات الجبهة وسبب ضعفها ، واضطرت للانسحاب من هذه الاماكن لتعيد تجميع قواتها. والانقضاض على قوات النظام ، وفعلاً تم اعادة التجمع الى منطقة البعادن والوزيرة والملاوحة .
عندما استولت الحملة العسكرية على جبل الصنع الذي كان اخر موقع تمركز للجبهة حينها وصل اللواء علي صلاح الى سوق الحرية واقسم امام الحاضرين انهم سوف يستأصلوا الجبهة من مناطق شرعب والعدين ، واصدر توجهاتهم بإشعال النار (التناصير) ابتهاجاً بالنصر زعماً ، على مستوى المديرية ،
ولكن مابين لحظة واخرى تحول النصر المزعوم الى هزيمة شنعاء فكان لحناكة القائد قائد سيف عبده ( عبدالعليم ) وبراعته بالتكتيك القتالي ، حيث تحرك مع مجموعة من رفاقه الى المخلاف المناطق المجاورة لمواقع الشرف وهجم عليه واستولي عليه وعلى مركز الناحية ايضا ، وتم الاستيلاء على كافة أسلحة الموقع ، واستشهد يومها احدا لرفاق
وبسقوط مواقع الشرف الذي يعتبر الارضية الرئيسية لتعزيز وتمويل الحملات العسكرية تغيرت المعادلة وتفجرت براكين تحت اقدام جيش النظام ،
وكانت القيادة الوطنية قد اجتمعت بالملاوحة واتخذت قرار المضي في مسارين :
الاول : المواجه من الامام لكل. مواقع العدو .
والثاني : تفجير الوضع في مؤخرة العدو اما بواسطة الرفاق السريين او نقل رفاق من مناطق النشاط العلني ،
وفي نفس الوقت قامت القيادة المتواجدة في الملاوحة بقيادة القائد الفذ / قائد قاسم (عبدالحكيم ) بتجميع كل الرفاق في البعادن والوزيرة الى الملاوحة و تشكيل ثلاث مجاميع. لمهاجمة المواقع المتمركزة في الحرية وما حولها .
المجموعة الاولى :
بقيادة القائد المناضل عبده علي بن احمد (وليد)
مهمتها التوجه من اسفل الامجود واقتحام موقع ( دار المقطار ) الذي يقع شرق سوق الحرية ، واسناد المجموعة الثانية .
مزودة بمدفعية بي 10 وقاذف ار بي جي ورشاش معدل.
وتم الاستيلاء على رشاش متوسط من دار المقطار .
والمجموعة الثانية :
بقيادة المناضل الشهيد / سعيد عبد علي مصلح (صالح)
وكان الى جانبه الرفيق دماج نصر ( مجاهد ) ، ومحمد بن محمد هزاع (الاشارة) واخرين .
مهمتها مهاجمة المواقع المتمركزة في سوق الحرية ، ودار عدن بركة (دار الحاج عبدالله ) ، وجبل دُجير ، الذي يقع غرب دار عدن بركة ، وتم تنفيذ المهمة بنجاح .
مزودة ( بقاذف ار بي جي )
كما تم الاستيلاء على الارض جهاز لاسلكي كبير من دار الحاج ، ورشاش متوسط من سوق الحرية .
وتم تأجيل مهمة جبل دُجير لسبب بُعده ووعورته وارهاق الفريق حينها ،
الا ان مهمة اسقاط ( جبل دُجير ) لم تبقى مستحيلة امام حناكة وبراعة القائد المناضل قايد قاسم ، ففي نفس اللحظة شرع بتشكيل مجموعة اخرى ، وقام بعملية التفاف خلفي لجبل دُجير وانقض على تلك المواقع وتم اسقاطها واستولى على مدفعية بي 10 ، ، وقاذفين ار بي جي ، واثنين من الرشاشات متوسطة .
المجموعة الثالثة :
بقيادة المناضل حميد احمد طاهر (مشتاق ) ، وكان ألى جانبه الرفيق محمد احمد علي حسن (ناشر)
مهمتها مهاجمة ( جبل خواله) .
ولكن مع الاسف لم تكلل المهمة بالنجاح ، حيث استشهدوا في هذه العملية الرفيقين المذكورين وانسحب بقية الفريق .
و في اليوم التالي تم استدعائنا من قبل القائد عبدالحكيم مع مجموعة من الرفاق لعملية اسقاط جبل خواله من يد القوى العسكرية وذلك لاهميته الاستراتيجية والعسكرية فهو مطل على مختلف الطرقات ونتيجة القصف العشوائي منه لكل كائن حي
الامر الذي تعيق تحركات الجبهة الوطنية وتمنعنا حتى من التواصل والعودة الى منازلنا .
تحركنا بسيارتين وفي الطريق ( … ) باشرونا بإطلاق النار من موقع جبل خواله ، ولكن كانت المفاجأة ان القائد عبدالحكيم قد جهز مدفعية ( بي 10 ) ، ورشاش متوسط في الجبل الشرقي الموازي لجبل خواله الذي يفصل بينهما فقط سائلة ( ..، )
وما ان اطلقوا علينا النار من خواله باشرهم الرفاق بالرد من الموقع حتى اجبرهم على التوقف ، الامر الذي مكننا من المواصلة والوصول الى القرية المحاذي لجبل خواله وتحديدا في بيت الرفيق / محمد احمد حسن (عصام) .
ومباشرة قام الرفيق / قائد قاسم بتحرير مذكرة انذار للقائد العسكري في جبل خواله يمهله فيها مدة 24 ساعة في اخلاء الموقع مالم سوف يكون الجواب ، وتم ارسال المذكرة مع احدالمواطنين ، وفعلاً وصلت الرسالة .
تحركنا بعدها الي عزلة بني سبا مسقط راسي على الرغم من استمرار بقاء الحملات في مركز. الناحية ، و قوبلنا على هتافات وترحيب وتصفيق من المواطنين والرفاق السريين والانصار ،
ثم عدنا في نفس الوقت الى بني سري منزل الرفيق عبدالله عبداللطيف الواقع مقابل جبل خواله ونحن في كامل الاستعداد للانقضاض على الموقع
وفي اليوم الثاني انسحب.الموقع . بحسب الموعد المحدد ، وتم اخذ الموقع بدون خسائر تذكر ، وعاد الرفاق المشردين ً الى منازلهم بكل امن وامان ، ورفعت كافة الحملات العسكرية المتمركزة في المناطق المجاور باستثناء موقع عسكري واحد متمركز في جبل الصنع . والذي تم اسقاطه لاحقاً من قبل الجبهة الوطنية وتنظيف كامل المنطقة .
كتبه / دماج نصر.قاسم.
بتاريخ 3 / 7 / 2020 م