المواطن/ كتابات ـ فهمي محمد
مع تفشي ظاهرة الوباء العالمي في اليمن ={ فيروس كورونا } كثر الحديث في أوساط المجتمع عن إبر الرحمة ، ما يعني أن الحركة الحوثية تعمل على حقن الأشخاص المصابين بفيروس كورونا بإبر سامة تؤدي إلى موتهم في الحال داخل المستشفيات الواقعة في مناطق سيطرتها .
لم يؤدي تداول مثل هذا الشائعات المسربة إلى احجام المرضى المصابين بالفيروس أو غيرهم من المصابين بالأمراض الموسمية عن مسألة الذهاب إلى المستشفيات الحكومية أو الخاصة فحسب بل أصبح كل مريض يصارع المرض في بيته وعلى نفقته بعيداً عن إشراف طبيب أو رعاية مستشفى وجد في الأصل لتقديم هذه الخدمة ، وفي كلا الحالتين كانت النتيجة تقول أن لابر الرحمة مدلول سياسي تحقق في إعفاء الحركة الحوثية من القيام بواجبها تجاه هذا الوباء في مناطق سيطرتها ، وهذا الإعفاء من المسؤولية لم يحدث في أي مجتمع ولا في ظل أي سلطة حاكمة ، فهل كان ذلك عملاً مقصوداً ومن المستفيد منه ؟؟؟
الحركة الحوثية تدرك أنها تعيش في حالة حرب طال أمدها في اليمن ، كما أنها تدرك ثانياً أن حشد مقاتليها إلى الجبهات يقوم في الأصل على تعبئتها للحالة الوجدانية والنكف القبلي وتوظيفهما نحو جبهات القتال تحت حجة مواجهة دول العدوان ، فضلاً عن كونها مع هذا وذاك كانت تدرك قبل غيرها أن فيروس كورونا قد بدأ ينتشر في العاصمة صنعاء وأن ذهاب المرضى إلى المستشفيات يعني ذهاب المئات بل الآلاف من الناس ، للبحث عن الحياة ، كما أنها تدرك أخيرا أن المنظومة الصحية في اليمن أصبحت غير مؤهلة لاستقبال جريح حرب فكيف يكون الوضع في مواجهة مرض عجزت دول عظمى عن احتوائه أو توفير متطلباته ، الأمر الذي يعني أن الحركة الحوثية في حال تعاملها المسؤول مع مرض كورنا سوف تكون مجبرة على أن تعلن للداخل والخارج عن آلاف الموتى يومياً ، وهذا بحد ذاته سوف يؤثر داخلياً على تعبئتها العامة نحو جبهات القتال ، لأن المجتمع سوف يجد نفسه أمام موت جماعي ، ناهيك عن ما سوف تتعرض له الحركة الحوثية من ضغط دولي وأممي = { دول، منظمات، هيئة الأمم } يطالبها بوقف الحرب والتسليم بالحل السياسي في وقت أصبحت فيه الحركة ترى أن التحالف والشرعية يمنحانها يوم بعد يوم أوراقاً رابحة تقدم بالمجان .
إبر الرحمة مجرد شائعة لا وجود لها في الواقع وهي في الأصل شائعة مسربه من المطبخ السياسي للحركة الحوثية الهدف منها تخويف الناس من الذهاب إلى المستشفيات للأسباب المذكورة سابقاً، وحتى يتحول هذا الخوف إلى حقيقة مسلم بها اوكلت الحركة مهمة التعامل مع الوباء لجهاز الأمن الوقائي لإضافة مزيد من الرعب في نفوس الناس .
لا يهم الحركة أن يموت الناس في بيوتهم بقدر ما يهمها أن لا يموتوا في المستشفيات ويشكل موتهم مشاهد صادمه ، كما لا يهمها عدد الموتى الذين سوف يحصدهم الوباء حتى يصل إلى مرحلة الذورة في مناطق سيطرتها ، بقدر ما يهمها أن يخفي الناس مرضاهم وأن يقبروا موتاهم في السر وفي جنح الظلام ، كما لا يهمها أن يقال عنها أنها تقتل المرضى بإبر الرحمة ولا يهمها تبعيات ذلك قانونيا فهي تدرك أن هذا مجرد ادعاء يصعب إثباته ، بقدر ما يهمها أن يصل الفيروس في اليمن إلى مرحلة الذروة ويتراجع تلقائياً دون أن تجبر على التسليم بالحل السياسي في اليمن ، طالما أن الطرف الآخر في معادلة الصراع والحرب يسير من فشل إلى آخر وسوف يستمر في ذلك .
المشكلة أن القنوات الفضائية المحسوبة على الشرعية وقعت في الفخ وصدقت الشائعة وتحاول بشكل مباشر أو غير مباشر أن تقنعنا بقصة إبر الرحمة ، في حين أنها من حيث لا تدري تقدم خدمة للحركة الحوثية !!!