المواطن/ كتابات ـ منير الاغبري
تدهورت خدمات الصحة العامة في اليمن تدهورا كبيرا بسبب الصراع الدائرة منذ خمسة أعوام. وتُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو نصف المنشآت الصحية في اليمن توقف عن العمل أو لا يعمل إلا بشكل جزئي. ومن الأسباب الرئيسية لذلك انقطاعات الكهرباء التي تستمر فترات طويلة وأصبحت شائعة في البلاد منذ بداية الحرب. وخلال السنوات الصعبة الخمس الماضية، وبسبب انقطاعات الكهرباء في المناطق النائية والريفية بصفة خاصة، يعجز اليمنيون عن الحصول على مستويات مقبولة من خدمات الرعاية الصحية الحيوية. وأفاد بعض المهنيين الصحيين أنهم يضطرون في بعض الأحيان إلى العمل على ضوء الشموع. وتحول الصعوبات الاقتصادية والافتقار إلى وسائل النقل بسبب نقص الوقود دون وصول الناس إلى ما تبقى من العيادات العاملة القليلة سعيا للحصول على خدمات صحية أفضل.
وقبل نشوب الصراع، كان نحو ثلثي اليمنيين فحسب يمكنهم الحصول على إمدادات الكهرباء من الشبكة العامة (ونحو 12% كان يتاح لهم الحصول على الكهرباء من الشبكات الخاصة)، وكان ذلك بالفعل واحدا من أدنى معدلات الحصول على الكهرباء في أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي عام 2017، بعد عامين من بدء الحرب، انخفض هذا العدد إلى أقل من 10%.
وثمَّة حل يطرح نفسه للتغلب على أزمة الطاقة في اليمن، ألا وهو الاستفادة من وفرة أشعة الشمس. وبدأ المشروع الطارئ للبنك الدولي لتوفير الكهرباء في اليمن تركيب أنظمة الطاقة الشمسية في المناطق التي يصعب الوصول إليها، لاسيما في المدارس والمنشآت الصحية. وتعمل المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي في شراكة مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع والمؤسسات المحلية بُغيةَ دعم مئات من المنشآت الصحية في أنحاء اليمن.
ونتيجة لذلك، سيُتاح لملايين اليمنيين الوصول إلى منشآت صحية يُعوَّل عليها تعمل بالطاقة الشمسية في المناطق الريفية. وسيكون بمقدور العيادات الحفاظ على سلسلة التبريد اللازمة لعمليات التحصين بالمساعدة في الحصول على اللقاحات الضرورية، وكذلك على الأدوية وخدمات الصحة الأساسية الأخرى.
وتعد النساء الفقيرات والأولى بالرعاية في المناطق النائية هن بوجه عام الفئة الأقل احتمالا أن يحصلن على رعاية صحية كافية في اليمن، لاسيما في حالات الحمل، ولكن المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء في اليمن يساعد أيضا في تيسير وصول عمال الرعاية الصحية إليهن.
وكان مستشفى السلام في محافظة لحج أحد هذه المنشآت التي اضطرت إلى إغلاق أبوابها بعد نشوب الحرب. وتلقى المستشفى في الآونة الأخيرة مساعدة لتركيب أنظمة جديدة للطاقة الشمسية، وأصبح بمقدوره الآن استقبال المرضى مرة أخرى. وقبل هذا الإجراء التدخلي، كان نقص إمدادات الكهرباء يمنع الكوادر الطبية من تقديم الخدمات الصحية الحيوية لاسيما في وقت الليل. وعلى وجه الخصوص، لم يكن يستطيع المستشفى استقبال المرضى في حالات الطوارئ والحالات الحرجة، أو الولادة، أو حالات الولادة المتعثرة. وبعد الحصول على أنظمة حديثة للطاقة الشمسية تتسم بالكفاءة، يعمل مستشفى السلام الآن على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. وافتتح أيضا في الآونة الأخيرة جناحا خاصا للولادة وخدمات رعاية حديثي الولادة.
ويقول العاملون الصحيون في مستشفى السلام إنهم لم يعودوا يواجهون مشكلة نقص إمدادات الكهرباء. ويشعرون بسعادة غامرة لأن النساء في مجتمعهم أصبح باستطاعتهن ولادة أطفالهن في ظروف أكثر أمنا بكثير.
وتشرح أمينة حسن إحدى النساء اللاتي استفدن استفادةً مباشرةً من مشروع البنك الدولي لتوفير الكهرباء من الطاقة الشمسية تأثير وجود مستشفى مزود بالطاقة الشمسية على أسرتها، وتقول: “كنتُ أعطي أطفالي وصفات بدائية من الأعشاب حينما يمرضون لأن المركز الصحي في قريتنا اضطر إلى إغلاق أبوابه قبل بضع سنوات. ولم يكن باستطاعتنا تحمُّل تكلفة أخذهم إلى مسنشفى خاص. ولكن الان، وقد عاد المستشفى للعمل مرة أخرى، أصبح بمقدوري الذهاب إلى هناك عندما احتاج إلى ذلك دون الاضطرار إلى السفر مسافة طويلة للحصول على الخدمات الصحية التي نحتاح إليها أنا وأسرتي.”
يقوم البنك الدولي من خلال المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء في اليمن أيضا بتركيب أنظمة الطاقة الشمسية في المدارس والمنشآت العامة الأخرى لتوفير القدرة على الحصول بصورة مستمرة وبأسعار معقولة على إمدادات المياه النظيفة والإنارة الكافية وغيرها من الخدمات الأساسية في المجتمعات المحلية المتضررة من استمرار الأزمة الإنسانية. ويهدف مشروع الطاقة الشمسية إلى زيادة القدرة على الصمود ومجابهة الصدمات في المناطق الريفية التي يعيش فيها نحو 70% من سكان اليمن، وحيث لا تزال الكهرباء جزءا رئيسيا من الأزمة الإنمائية الحالية.
المصدر : المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء في اليمن – البنك الدولي