المواطن/ كتابات – عمران الحمادي
هكذا هو المشهد الآن في مدينة كانت عاصمة للثقافة،وكان أبنائها من الموظفين والعاملين أكثر سلماً وقدوة-بحثوا لسنوات عديدة عن دولة مدنيّة قائمة على القانون وتحتكم للدساتير.
مالذي تغير الآن؟
كيف أصبحت تلك المدينة؟
أين ذهبت أحلام سكان تعز الطويلة؟
كيف اندثرت عاصمة الثقافة اليمنية وإلى أين أخذت الحرب تلك الثقافة وتلك الأحلام.؟
أسئلة كثيرة وتداخلات في الآراء تقودك في الإجابة إلى تبريرات كثيرة.ولكن سأقف عند تعز نفسها -كيف أخذها بارود الحرب ليجعل منها مدينة مشوهة حد النهاية، مشبعة بالأوبئة والأمراض حد الفيضان.
هكذا هو المشهد الآن في تعز!
اندثرت ثقافة تلك المدينة في غضون أشهر- لتصبح معظم مساحتها تحت رحمة حزب متطرف، حزب قائم على تكفير واصدار فرمان رسمي ضد من يخرج عن طوعه.الحزب الذي يختلف مع إسمه كثيراً، ذلك الحزب الذي إقتحم تعز بلا رحمة ليفتك بها ويجعلها أسيرة تحت رحمته.
هكذا هو مشهد المدينة تحت سيطرة حزب اللغوة والعلماء المفلسين!
من إسمه قد تصنفه بأنه يساري في أقصى اليسار،لكنه ليس كذلك،لست هنا لأتهجم على جماعة الدجل والنشالين، ولست أقبل على نفسي أن أكتب عنهم، لأنهم وبإختصار مجردين من كل قيم الإنسانية،ولكن كان عليّ أن أكون متماشياً مع المشهد الذي يجري الآن في تعز.
تكاد الكوليرا تقتل الجميع، من يشرف على منظمات الإغاثة.أليس حزب السرق هو من يقف وحده إزاء ما وصلت له تلك المدينة المشلحة من تاريخها ومن جغرافيتها.
إلى ما وصلت إليه من بؤس ومعاناة.
مما يجعلها خارج نطاق جغرافية أي حل سلمي أو مبادرة سلام!
نعم تعز اليمنية أصبحت الآن خارجة عن نطاق الجغرافية اليمنية الموعودة بحل سلمي ستكون تعز فيها خارجة عن نطاق الجغرافية لأنها مدججة بالسلاح،وأي حل سلمي قائم على الرعب من قوة الآخر ماهو إلا تمديد لحرب طويلة مؤخرة لوقت لاحق.
هكذا هو المشهد الآن في مدينة ماعادت مدينة، وأصبحت في آخر الصف.
مدينة خيم البؤس على بنيها، وسكنت المعاناة،في حواريها، أسفي عليك ياتعز،كان يجب علي أن أكتبك وأنت تسيرين محملة بمشاقر صبر تستمعين إلى أيوب وألحان الفضول، ولكن لا أحب أن أكون منافقاً هنا في الكلمات، لأنك أخرجت الكثير من أبنائك للطرقات وجعلت من الفتيات الكثيرات وعاءً يملئ في الشوارع بالشهوات العابرة، كيف سيكتبكِ شخص نبذتيه من وسط داره وشوهتي سمعته بين أقاربه.
هكذا هو مشهدك الآن، وهكذا سيقال عنكِ الكثير لأنكِ تعيشين تحت جزار يغلف كل شيء بإسم الدين والإنتصار للدولة.
يامدينة الحزن والإنكسارات كسرتي الكثير، خنقت أيوب بضجيجاً يشوش على الفضول في قبره، ماذا تنتظري من شخص دفعته عاطفته ليحاول أن يقول رأيه ويعارض بكلماته تصرفات عبثية ما يجري حوله،فأوسعتيه ضرباً وأشبعتيه تهماً.
إنكِ الآن تقفين في رأسه، لا تعلمين كم هو حزين منكِ، ولكنك تستحقين ما يحدث لكِ.
كنت أحاول أن أرسمكِ لوحةً جميلة ولكنكِ غدرتي بي، وهكذا هو مشهدك مع الكثير.
تلك اللوحة قد أشبعتها سوادً بظلي الأسود.
لأنك مدينة السواد، لن تستطيعي محو تلك السحابة.لأنك متخاذلة الأطراف،كما عرفتكِ،وهكذا هو مشهدك الآن.
لذلك سأواريك غرقاً غصباً عنكِ في بحيرة من السواد،لأن هذا هو أقل ما تستحقيه،من شخص قذفتيه عارياً وسط الصقيع.