المواطن/ كتابات ـ أحمد طه المعبقي
الأهداء : إلى المخفيين قسرا المغيبون في سجون الأحزاب والعسكر والمليشيات الانقلابية .
فروع الأحزاب في جميع المحافظات لازمت الصمت ، منذ سقوط السلطة السياسية وصعود سلطة الأمر الواقع ماتعرف بسلطة المليشيات والجماعات المسلحة . لدرجة أن البعض منهم اعتقد بإن الأحزاب غائبه في كل المحافظات بإستثناء تعز التي لازالت الأحزاب حاضرة . فيها -حسب اعتقاد البعض .. لهذا أرى بأن هذا الاعتقاد خاطئ – من وجهة نظري – لأنه حضور الأحزاب بتعز حضور غير حقيقي نظرا لغياب صوتها المدني ، وهذا مانسعى توضيحه من خلال هذا المقال.
في البدء ليس بوسع أحد أن ينكر العلاقة الثنائية بين الأحزاب والعسكر أو بالاصح بين المجلس الوطني للاحزاب السياسية بتعز بشكله الحالي وبين الجيش الوطني . نستطيع القول : بإن العلاقة هنا علاقة تكاملية. لايمكن فصلهما عن بعض ، مادام وكشوفات الجيش جاءت من داخل مقرات الأحزاب ، والقائد الحزبي أصبح قائد عسكري ، والرتبة العسكرية تخضع لمعايير حزبية .. وصانع القرار داخل الحزب هو من يصنع القرار داخل المؤسسة العسكرية.
عموما – سبق وأن حذر الشهيد عدنان الحمادي قائد اللواء ( 35) – رحمة الله عليه – عن العلاقة الثنائية القائمة بين مقار الأحزاب والمؤسسة العسكرية ؛ ففي تسجيل صوتي تم تداوله عقب استشهاده . دعا الحمادي فيه قادة اللالوبة العسكرية بتعز وذكرهم بالاسم … بأن يغادىوا مقرات الأحزاب ويلتزموا باخلاقية المؤسسة العسكرية كما دعا الحمادي في تسجيله الصوتي تحرير المؤسسة العسكرية من وصايا الأحزاب السياسية .
لذا نستطيع القول بإن الزواج الكاثوليكي القائم بين المقر والعسكر كان الهم الذي ظل يقلق الشهيد الحمادي حتى مماته ، لمدى خطورة هذا الزواج على المؤسسة العسكرية على وجه الخصوص وعلى الحياة السياسية والديمقراطية على وجه العموم .
لذا يتوجب علينا الأنتصار للشهيد الحمادي من خلال الأنتصار لمشروعه الذي يتضمن : إصلاح المؤسسة العسكرية. وتحريرها من الوصايا الحزبية ، والغاء كل القرارات والترقيات العسكرية العشوائية المخالفة للقانون العسكري ، وانهاء الأزدواج الوظيفي الحاصل داخل الجيش ، وتحرير الكشوفات من الاسماء الوهمية التي اثقلت ميزانية الدولة ، وترتب عنها انعكسات سلبيةعلى الأقتصاد الوطني وعلى الحياة المعيشة للمواطن اليمني .
نعود إلى موضوعنا عن وضع الأحزاب بتعز . كيف أصبحت مؤثره ومتأثرة بالمؤسسة العسكرية ؟
لايستطيع أحد أن ينكر حجم الماساة الذي تركه الانقلابيون على الحياة السياسية والمدنية بتعز ، نظرا لخلو تعز من مؤسسة عسكرية تساندها وتحميها من عنجهية وبطش الانقلابيين . لذا وجدت الأحزاب نفسها تقوم بمهام المقاومة المسلحة لصد جيوش الانقلابيين وتم تشكيل مجلس المقاومة . بدعم مالي من قبل التحالف العربي . لذا هرع قادة الأحزاب الأوائل بإن يكونوا هم نواة وقادة مجلس المقاومة ، بدافع حصولهم على مخصصات مالية مغرية مقدمة من التحالف العربي لقادة المجلس ، لهذا حيكت المؤامرة وغيب عن مجلس المقاومة الكفاءات العسكرية النزيهة والشخصيات الوطنية ، ووكل مهام مجلس تنسيق المقاومة لشخصيات ملوثة وجماعات متشددة بجانب قادات الأحزاب السياسية . وهنا تكمن المؤامرة على تعز وأصبح الحامي والغازي وجهان لعملة واحدة ، واستطاع حزب الإصلاح بذكاءه ودهائه من السيطرة على القرار داخل مجلس المقاومة. نظرا لعلاقته مع علي محسن والسعودية واستحواذه على المال المقدم من التحالف ،ومن خلال هذا المجلس الذي عرف (بمجلس تنسيق المقاومة ) وكل له مهام تشكيل جيش الشرعية واستفرد حزب الأحزاب الاصلاح. بتشكيل الجيش وفق معايير حزبية ، وانخرط الإصلاحيون قيادة وقواعد ، وحجزوا لهم مواقع رفيعة داخل الجيش والأجهزة الأمنية ، وأصبح الإنتماء للجيش مقترن بالإنتماء للحزب ، وصارالحزب جزء لايتجزء من التركيبة العسكرية ،، ومن هنا سلب الحزب مدنيته ويعد هذا خسارة للحياة المدنية لتعز ، فإصلاح تعز مثل طليت سنوات مضت وجه مشرق للإصلاحيين على مستوى لليمن ، وكان إصلاح تعز نموذج يقتدى به الإصلاحيين من محافظات عدة ، لإرتباط قواعده وقيادته بالسلك المدني والحياة المدنية ، وهذا ماميز إصلاح تعزعلى سبيل المثال عن إصلاح عمران ذات التركيبة العشائرية والعسكرية والأمنية ، لكن يبدو بإن إصلاح تعز وقع في فخ دون علم ، أو انه بعلم ، لكن لهفته للسلطة جعلته يفقد عقله وصوابه ويتحول في ليلة وضحاها ،من حزب وطني إلى جيش وطني ، لدرجة أن المواطن التعزي مصدوم من حجم الدمار الحاصل للمجتمع المدني من ( نقابات وأحزاب ). عموما .. نحن ليس مع انقراض ٱصلاح تعز وذوبانه بشكل كلي داخل المؤسسة العسكرية . لانه قانون الأحزاب يحظر الجمع بين عضوية الحزب والانتساب للسلك العسكري .وهذا النص بحد ذاته يعد مؤشر لتراجع الإصلاح عن الحياة السياسية وتقليص حجمه كحزب سياسي ..ومايدهشني أكثر بأن الدائرة الأعلامية للإصلاح بتعز تحولت إلى دائرة للتوجية المعنوي ، فأي نقد لأي سلوك من سلوك العسكر تجد أعلام المقر ، يدافع دفاع مستميت عن ممارسة العسكر، وأصبحت قدسية البيادة العسكرية كقدسية المرشد .
وكماهو ملاحظ بأن وضع الأحزاب في بقية المحافظات أحسن حالا من وضع الأحزاب بتعز. أقل شئ الأحزاب في المحافظات الاخرى حافظت على مدنيتها ولم تشرعن لسلطات المليشيات والبيادات العسكرية ، بينما ضجيج الأحزاب بتعز ناتج أرتباطها الوثيق بسلطة العسكر والجماعات المسلحة ، وأشهار المجلس الوطني لتحالف الأحزاب . لذي خلق مشوه وعليل منذ ولادته – لذا قوبل بالرفض من الأحزاب في عموم المحافظات لعدم وجود بيئة ملاءمة تسمح بشراكة سياسية توافقية ، بينما قبلت أحزاب تعز بهذا الجنين المشوه ، لكي يشرعن لحكم العسكر والجماعات المسلحة التي تمارس سلطات واسعة ،وصل بسلطة الأمر الواقع ، بطرد محافظ تعز ومنعه من ممارسة صلاحياته ،.ولم يتوقف عند هذا الحد بل تجاوز ذلك وأصبح للعسكر والجماعات المسلحة سلطة قضائية وأصبح لدبهم سجون ومعتقلات ومحاكم تفتيش خاصة بهم ،.بتغاضي مفضوح من قبل الأحزاب السياسية ( المجلس الوطني ) .. التي لم تحرك ساكن بملف المخفيين والسجون الخارجة عن القانون .