المواطن / كتابات د. ياسين سعيد نعمان
١- المساحة التي يحتلها “الانسان” داخلنا تعكس المستوى الذي وصلنا إليه في فهم الطريق الصحيح لبناء قواعد ثابتة في العلاقة مع الحياة في حركتها لا في سكونها .
٢- ولكي نستوعب حقيقة أن الحياة “قيمة عصرية” تتجدد بالعمران والتطور العلمي ، والاجتهاد ، وحرية التفكير وارتقاء البشرية ، فإنه لا بد من توسيع مساحة “الانسان” في المنتج البشري .
٣- محاصرة ونبذ قيم التخلف : الكراهية ، العصبية ، العنصرية ، الاستبداد ، الارهاب ، التوحش ، وتوسيع قوائم الممنوعات، تصبح شرطاً لأنسنة الحياة بالمعنى الذي لا يجعل هذه المهمة منتجاً نخبوياً للدعاة ، بل فعلاً بشرياً يجسد سمو الثقافة والوعي والسلوك ومعنى أن تبقى “إنساناً” ينبض بالحيوية في كل فعل ومنتج بشري .
٤- من هنا فإن نبذ هذه الصفات المركبة على نحو يناقض إنسانية “الانسان” ، ليست خياراً مفتوحاً على احتمالات الممكن من عدمه ، بل هي ضرورة .. لأنها هي التي :
-تدمر فينا “الانسان” ..
-تضعف قدراته في التصدي لمتطلبات وجوده بعناوينها التي تتوقف عند حدود المسموح به بشروط قاهرة لارادته ، بما في ذلك حقه في الاجتهاد ، وحقه في الاختيار .
-تبعث قيم التوحش التي تتسبب في الاستبعاد الإجتماعي بمعانيه الأكثر احتقاراً للانسانية ..
-تحاصره على نحو لا يستطيع معه أن ينشئ علاقته بالحياة ككائن إجتماعي توجب عليه أن ينفتح على المجتمع ، ويصون شروط تطوره وحمايته ..
-تحول بينه وبين أن يتجدد ، ويجدد، لينتج المعرفة المعادلة موضوعياً للتقدم ، باعتبار أن التقدم هو الحياة في سيرها إلى الأمام بما تفرضه من بواعث التجديد الفكري والمعرفي التي لا تتوقف عند ما يعرف بالمسموح به .
٥- هذه المساحة التي يتمدد فيها “الانسان” هي التي تنمو فيها العلاقات الاجتماعية بمضامينها الانسانية ، وتزدهر فيها الثقافة والمعرفة والعلوم ، وتؤسس فيها قواعد قوية للتعايش ، واحترام الآخر والدفاع عن حقوقه لحماية منظومة الحقوق التي توفر مناخ الحرية والابداع وشروط التجديد .
٦- ولذلك فإنه كلما اتسعت هذه المساحة وتقلصت “قيم التخلف” التي تنتقص من قيمته ، كلما ازدهرت الحياة بقيم الانسانية وفي مقدمتها الحرية ، والعدل ، واحترام حقوق وخيارات الاخر ين ممن نحب ولا نحب .
٧- هذه المساحة هي التي نتحمل فيها مسئولية عملنا خطأً أو صواباً .. ثواباً أو عقاباً .
الثواب والعقاب ، ثنائية الحياة التي تحتاج إلى نظام تتوازن فيه البواعث الروحية مع التطور المادي كي يبقى ” الانسان” صامداً في وجه التغيرات التي يصنعها العقل الفعال في مجال العلوم والمعرفة والتطور المادي .
٨- لا يجب أن يتخلف الوجدان وبواعثه الروحية عن اندفاع العقل وطموحه ، حتى لا يرتد ذلك في مضاعفات تهدد “أنسنة” الحياة ، وتقمع الانسان بداخلنا وصولاً إلى تبيئته داخل منظومة طغيان من نوع آخر .. في الاولى توحش قيم التخلفً ، وفي الثانية طغيان التطور المادي واندفاعه حينما يخلف وراءه إنساناً بلا روح .
٩- يمضي المرء حياته في صراع لا يعرف كنهه ، ولو أدرك كنه هذا الصراع الذي يدفعه إلى ارتكاب الجرائم ، وسفك الدماء ، والاعتداء على الغير ، وإشعال الحروب ، وتدمير العمران ، والحاق الضرر بغيره لاتجه بصراعه إلى المكان الذي ينمي داخله ” الانسان” ، وقيم الانسانية وبواعث أنسنة الحياة ، كتعبير عن إعادة بناء علاقته بالحياة على أسس يتساوق فيها الوجود الاجتماعي بالوعي الاحتماعي في أشد الحالات وضوحاً في علاقتهما بهذا المعنى الذي ينصرف إلى حماية البشرية ومواصلة مهمتها في البناء والارتقاء وتوفير شروط التقدم والعمران وصيانة الوجود في مواجهة كارثة الفناء .
لن يتحقق ذلك إلا بصيانة ” الانسان” وتوسيع رقعته في الفعل البشري بصورة مستمرة .
وهذا ما ينطبق أيضاً على مواجهة كارثة الحروب !!!