المواطن/ كتابات – علي عبدالفتاح
كان الحزب الشيوعي المتنفذ عالمياً في موسكو قد أعلن كأساس استراتيجي عام 1970م في مؤتمره الرابع والعشرين باسم عموم الحركة الشيوعية باستثناء الصين حينها ـــ عن وراثة الليبرالية التي يُقصد بها الليبرالية الفتية ـــ لا الشائخة ـــ وتعني أي الفتية التعددية الفكرية والسياسية الحقيقية والرأي والرأي النقيض, ثم دعه يعمل ودعه يمر في حدود دستورية توافقية قادرة على التقدم المستدام في الطريق البشري العمومي قاطبة وذلك مع وإبان الارهاصات الجنينية للشكل المركب النهائي للأزمة الأطلسية التي لا مخرج منها سوى إطلاق الطاقات الكبرى الكامنة لأوروبا والعالم عبر التقدم العلمي التكنيكي بل والمنظومي المفتوح في تجاوز بنيوي جوهري لهذه الأزمة المركبة والنهائية وعلى ذلك انطلقت الحركة الشيوعية العالمية ابتداءً من باريس باسمها جميعاً لتعلن عام 73 – 74م عن (مقولة التحدي الديمقراطي) المساندة والموَاكَبة من موسكو باسم دستور 77م وإسقاط مفهوم ديكتاتورية بروليتارية البروليتاريا لصالح مفهوم ودستور دولة الشعب بأسره توطئةً وتمهيداً لمواكبة صعود الأزمة المركبة ووصولاً لتنفيذ الوراثة النهائية لليبرالية, وفي مستهل الثمانينات كانت قد تكشفت مقولة المسار الموضوعي العام الواحد لحركة العلم والتكنيك والعمل العالمية في تجاوز أكيد للطابع الضيق الأناني فالشرير المفلس لمسارها المتأزم المتقادم بل القديم المشار الذي لا يستطيع ولم يعد يستطيع اهتبال الفرص أمام زحف التنازلات المستمرة للإدارة العالمية للشيوعية من أجل انفراج العلاقات الدولية لصالح أكيد لأفضليات الطرفين المتقابلين والشريكين المتحدين في آن… ومع ذلك وأثره تصاعد الموقف الشيوعي في اتجاه أطروحات المهمات الأولية لبعث واستمرار وتعميم الأنسنة النافذة عبر الانفراج المرتقب واشتراطاته, ثم بدأ العالم يراقب المتابعات الإدارية الشيوعية المعززة بالمزيد من التنازلات بما لا يعني القفزات غير المحسوبة بل المواكبة بدقة لحركة تعمق وتجذر الأزمة العامة المركبة والنهائية على صعيدي الجوهر والمظهر في اتجاه مستقبلها المحسوس الملموس لدى الجميع من حول الكوكب حتى مجيء ميخائيل جورباتشوف حيث تنفست الحركة الأزموية المسدودة ـــ الصعداء دون أي معالجات للأزمة المتعمقة حينئذٍ حيث قام جورباتشوف بتصعيد استراتيجي لنهج السلام الأكيد ونهج الحرية والتقدم في إطلاق الصيرورات الموضوعية الديالكتيكية (الضاغطة) مادياً عملياً فروحياً نظرياً فدبلوماسياً إعلامياً في ظروف ارتكاسات الإحساسات الإدراكية لجماهير العالم لمظاهر تلك الأزمة في اتجاه تفجرها السياسي النافذ المرتقب الامر الذي انعكس ذاتياً في سيناريوهات قيام الثنائية الرسمية للسلطة السوفيتية الأمين العام ميخائيل جورباتشوف من جهة والعضو المرشح للمكتب السياسي بوريس يلتسن من جهة أخرى مع بقاء آخرين متصلبين ظاهرياً لماضي ما قبل المؤتمر الرابع والعشرين عام 70م المدشن نظرياً ودعائياً لوراثة الليبرالية وإنجاح الانفراج,, حيث اتخذت جميع التدابير والاجراءات بعداً مسرحياً كرنفالياً مشوهاً مقلوباً على صعيد المراقب العام والدقيق لجماهير الكوكب كله حيث أدركته الأجيال المتتابعة بنَفَسٍ متقطع منذ ذلك الحين داخل المجتمع البشري السياسي والثقافي المتعدد الراهن مادياً عملياً فروحياً نظرياً فإعلامياً مكشوفاً واضحاً حيث فُرِّغ بوريس يلتسن لمهامه التنفيذية الصعبة جداً لأنه كعامل بناء خشن فجسور فقد أصابعه في أروقة العمران الكلاسيكية القديمة وذلك بالقيام بمهامه كسيرك بهلواني مقلوب مدشناً كسباً إضافياً لزمن ومساحة الأزمة على صعيد الكوكب وعلى مستوى المراكز الثلاث للأزمة خصوصاً وهي الولايات المتحدة ــ أوروبا ــ اليابان حيث دشن الفقيد يلتسن سيناريوهات التنفيذ العملي لبعثرة أحجار الدومينو في كل مكان حول العالم تلك الأحجار التي لا ولن تسترد في الظروف الجديدة الكامنة في حركة انطلاق الديالكتيك والتفجر السياسي الأولي للأزمة, إلا أنها أي الأحجار يمكن إعادة التقاطها جميعاً بما فيها حزبنا الاشتراكي تحت وقائع اشتراطات الزمن الحادث الجديد المعروفة براهنية العصر عن طريق تبني أولوية الحرية والديمقراطية والعلم والشراكة ذو المضمون الوطني الأكيد المُجسَّد… على أن بعثرة الأحجار قد واكب ديالكتيكياً عمليات وشروط عمليات التحول الحضاري البنيوي للعالم ابتداءً من تحولات الاتحاد السوفيتي نفسه إلى وضع عشوائي نسبياً مبتدئاً من ما يشبه الصفر أو ما يشبه ذلك على الأقل ودلالة ذلك في تثبيت نهائي لحركة القوانين الموضوعية للديالكتيك لا للنزعة الارادية حول النشأة بعامة والنشأة الجديدة في إطار راهنية العصر بخاصة وذلك إبان المهمات والظروف الجديدة في النمو والتطور الجديدين في اتجاه متعاكس مع حركة المتأزمين المفلسين الذين لا يستطيعون إلا أن يستمرأوا بدائل أخرى حيث استحالة العودة إلى بدائل بربرية عنصرية أو فاشية إلخ إلخ وذلك مع تنفيذ البرنامج النوعي الجديد للبيروسترويكا وآفاقها وبالتالي لن يصح سوى حركة إطلاق التقدم التكنيكي بل المنظومي في اتجاه انفراج الطاقات الكامنة للأتمتة والسبيرنيتيك وما يأتي من طاقات مكتشفة جديدة لاسيما على صعيد البيولوجيا الحادثة راهناً والضامنة جميعها وبصورة قاطعة حتمية للحرية والوفرة للشعوب في المراكز الثلاث المذكورة وسائر شعوب العالم من خلال الخضوع الحضاري الابداعي لبيروسترويكا خصوصية معززة تواً أو تالياً للانتخابات الجديدة وهو المصير والمستقبل الوضاء لبلدان عموم غرب الأطلسي والمراكز الثلاث فشعوب المعمورة وللحقيقة وفي الواقع فإن العالم يعيش مخاض ولادة مبتكرة نابعة من اعماق أحشائه على هذا الطريق ووطننا اليمني ذو الجذور الحضارية مثقلة بحركة هذا المخاض شأن العالم كله بما فيها جميع, نعم جميع بلدان المنطقة الغربية وإيران لكن الأهم والمهم أن الطريق بات يتوضح بل ويتبلور شيئاً فشيئاً في اتجاه الامتلاك المشبع الكافي للوضوح الديالكتيكي المباشر والحركة التنفيذية الممكنة لصالح حركة ومصالح المواطن وسائر جماهير الشعب ولذلك يتساءل المواطن وهو على حق ومعه عموم الشعب لماذا تستمر الحرب في اليمن منذ فترة طويلة وبالذات منذ الثمانينات ثم التسعينات؟؟ وبالذات هذه التي تبدو غير مفهومة إطلاقاً هذه الحروب الكارثية العبثية المأساوية المستمرة الجارية التي أكلت اليابس والأخضر؟؟
لماذا لا يتوقف فوراً إطلاق النار الجهنمي بإشراف أممي من أعلى مستوى وبتنفيذ حاسم قاطع أكيد وإذا كان الغرب الأطلسي نتيجة لظروفه المشارة عاجزاً عن تحقيق وقف فوري لإطلاق النار كما هو عاجز في مناطق أخرى بشكل مجرب ملموس!؟؟ وإذا كان الرسميين الغربيين يعانون من شبه التأثر بالفوضى الخلاقة فلماذا لا يلجأون عبر الأمم المتحدة إلى مبعوث روسي في هذا الشأن؟ بل لماذا لا يلجأ الطرفان المتناحران إلى روسيا الملتزمة لمقررات الأمم المتحدة ولعدم التدخل في الشؤون الداخلية ولها خبراتها الدبلوماسية بل المنظومية في اتجاه إنجاح سبل وقف إطلاق النار وقضايا السلام بعامة, لاسيما وهي المقبولة لدى الطرفين المتناحرين كما أنها تقف منذ فترة بعيدة خاصة منذ وأثناء الحرب العراقية الايرانية ثم الحرب الامريكية على العراق تقف علناً ضد الفوضى الخلاقة ومترتباتها البشعة العمياء الأمر الذي يمكّن اليمنيين عبرها فرض اليمننة النهائية للحوار اليمني اليمني وعبر التراب والأراضي اليمنية كما أن لها علاقة طيبة مع جميع الأطراف الإقليمية لاسيما المتدخلين المتورطين في الشأن اليمني الداخلي إلى جانب أن لها ثقل مباشر واضح في حركة المشاورات السياسية الدبلوماسية الدورية تجاه الشأن اليمني أو غيره من قضايا ومشكلات الأوطان الموضعية منها والاستراتيجية وفي اتجاه إعادة ترتيب الأوضاع عموماً بما يتفق والأهداف القانونية العامة الدولية للأمم المتحدة والدساتير التوافقية الوطنية الحرة علماً بأن الطرفين المتناحرين قد شبعا من تورطهما المأساوي الكارثي كما أن سائر الأطراف اليمنية من قوى وأحزاب وشخصيات أصبحت مستنزفة وتطلع جميعاً إلى الحلول السلمية التي لا ضرر فيها ولا ضرار أما عموم المواطنين فيرفضون استمرار الاقتتال الدموي البشع الجاري بمثل ما يرفضون سيناريوهات تحويلها إلى حرب أهلية شاملة مشؤومة والتي لا تبقي ولا تذر وبالتالي يتوقون بمطامح قوية إلى وقف استنزاف المكتسبات التاريخية لعموم الشعب والجمهورية في الساحة الطبيعية العمومية عموماً.
أم أن المسألة على ما يبدو ليست بمستوى سذاجتي هذه حيث كانت مبررات هذه الحروب الدموية البشعة العبثية إنما هي من أجل الهروب من استحقاقات عموم الشعب على الأصعدة المختلفة في ومن الاستقرار والسلام والنماء وتنامي المكتسبات لاسيما في ظروف انتزاع الشعب عبر وبعد معاناة قاسية وعبر تبصر محقق نتيجة لهذه المعاناة فالتعمق المتزايد للوضوح منذ الثلث الأخير للثمانينات نعم أقول في ظروف انتزاع الشعب لمكتسبات جديدة طارئة في الحرية والديمقراطية والوحدة والتأكيد على هويته اليمنية العربية الاسلامية المدنية والتأكيد على الأخذ من أفضليات ومزايا الشعب والوطن اليمني منذ الثلاثينات أو الاربعينات من القرن العشرين وبخاصة بعد ثورتيه المباركتين وبعد الوحدة تحديداً مضافة إليها دروس وعبر التاريخ الحديث للمنطقة العربية لاسيما دروس المخاض العربي الحادث والنتائج المشبوهة من حركات رفض الدساتير التوافقية ورفض الحرية والديمقراطية والانتخابات النزيهة وأثرها في التباسات هذا المخاض الذي لا ولا يمكن إلا أن يؤدي إلى الولادة السليمة عاجلاً لا آجلاً في اتجاه ربيع تونسي ويمني دائمين مجسِّد ومعضد للاستقرار والازدهار على أسس راسخة مستدامة لا تعرف الانتكاسة فالانحطاط الديمومي داخل الأنفاق المظلمة من الفوضى الخلاقة الدائمة المواكبة لتنامي حركة كل أشكال العنصرية الفاشية والطائفية العمياء التي كانت قد بدأت تطل برأسها قليلاً على الصعيد العالمي وبعض المناطق مع ريجان وتاتشر أو مع صدام وبول بوت وهو ما تجاوزه العالم بعنفوان حر لاسيما الآن وصعوداً, قال الله سبحانه وتعالى: أما الزبد فيذهب جفاء أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض, ثم قال تعالى: قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين صدق الله العظيم.