المواطن/ كتابات ـ عبدالعزيز المليكي
خمس سنوات مرت على تلقي أول قذيفة أطلقتها المليشيات صوب مدينة تعز لم تكن تُفرق في ذلك الوقت بين أن كانت الأرواح التي ستسلبها القذيفة أرواح ذكور أم إناث، كل ماكانت تضعه تلك الكائنات الدموية في قائمة حساباتها أن تسلب تلك القذيفة القدر الأكبر من الأرواح
ليس قليلاً ما نأل تعز وسكانها جراء هذه الحرب الهوجاء.
هدجت مرارة الفقد جفون الكثيرين وأتلفت نورها..في مشهد سريالي أكثر هولاً من أفلام الرعب
لم تعد القذائف الحوثية هيا القاتل الوحيد لسكان المدينة فقد أظافت مخاوف العامة من إنتشار فيروس كورونا رصيد جديد من المعاناة
صرخنا مراراً ولا زلنا يجب إلغاء التجمعات من أجل الوقاية لكن السلطات المحلية أفرغت السجن المركزي للنساء من قائمة حساباتها نهائياً
أُطلق سابقاً سراح العديد من المعتقلين في نفس السجن من الذكور غالبيتهم كانت قد نُفذت في حقهم أحكام بسجن المؤبد لا لشيء إلا ليتم إستخدامهم لتحقيق مأرب وأطماع دنيئة تخدم بعض ألأطراف
وربما التبرير الوحيد لبقاء تلك النساء في السجن هو إفتقارهن للحاسة السادسة الموجودة لدى الرجال (حاسة البلطجة والترهيب )
الكثير من القتلة والمجرمين يسرحون في الشوارع يتفننون في وخز الحياة ببنادقهم بينما تلك النساء بدأت حياتهن من خلف القضبان وأختتمت بالموت بتلك الوحشية..
لا أود ألتنقيب وراء التفاصيل المختبئة وراء جدران السجن
فما يحدث هناك أمر مهول حقاً..
لكن من وجهة نظر فإن التظاهر الشكلي والتشدق الصارخ بحماية حقوق المراءة في مجتمعنا هو القاتل الأول للمرأة
يكمن جذر مأستنا في الطريقة التي تفسر الأحداث بها
فدخول المرأه السجن فظيحة أخلاقية من وجه نظر مجتمعاتنا الساقطة حتى وأن كانت بريئة
فلم يحدث أن وجد في مجتمعنا الجاف فقيه أو شيخ أو مسؤل طالب بإطلاق سراح المعتقلات من النساء إستنداً على أن المنطقة التي يوجد بها السجن ليست بعيدة جغرافياً عن مسرح المواجهات أو على الأقل النأي بسجينات إلى أحد المرافق الحكومية الأمنة والتي أصبحت سكناً يخصُ بعض النافذين والتي لم يسبق أن سمعنا عن تعرضها للإستهداف أبداً
أيضاً لم تتخذ أي إجراءات لوقاية السجينات من الإصابة بفيروس كورونا خلال الأيام السابقة في ما يخص الحجر والتعقيم وغيرها من الأمور
ربما من الشائع جداً أن يتم تفجير جسد وتمزيقه في تعز لاكن أن تكون جميع الضحايا من النساء هو أمر بلا شك يوحي بمدى القبح الذي وصل إليه هاذا المجتمع
وسلطته التي أنجبت أنظمة إرهابية نموذجية تُحرم خروج المرأة من منزلها بغير محرم وتصمت حيال تفجير جسدها وتمزيقه بأكثر الطرق وحشية وبشاعة
عندما رأيت ألضحايا في المستشفى وقفتُ مصدوماً تمنيت أن تبتلعني أم الجن على أن أشاهد ذلك المنظر بأم عيني
ستة نساء غادرت أرواحهم وأجسادهم المكان إلا غير رجعة لتصبح شاهدة على الوحشية التي وصلنا إليها
سُفكت دماء النساء على مرأى أكثر المجتمعات تبجحاً بالمحافظة والأشد هولاً من ذلك هو البعد النفسي الذي خلفته وحشية هاذا العمل على نفسية المرأة في تعز وفي اليمن بشكل عام
كتب ///عبدألعزيز ألمليكي