المواطن / كتابات _محمد عبد الوهاب الشيباني
حينما جاء إلى عدن قبل أربعين عاماً
لم يكن الفتى “ثابت”
القادم من قرية منسية في جبال (عُتُمَة )
معنياً بصراع الأخوين (الجمهوري /الملكي )
لأنهما لم يكونا دخيلين
على الأرض الجرداء – كما قال –
جاء كأمي
وعمل في مطبعة مهمتها تنوير الناس ,
وتثويرهم على المحتل .
من حروف الرصاص
ومن المنشورات التي نسخها على (الأوفست)
تعلم القراءة، وفك الخط
لهذا حين قام، بعد ثمانية أعوام، بتجليد أول
أعداد (حكمة الجاوي الجديدة)
كان يعي ماذا تعني وحدة الناس
في الجغرافيا والتاريخ .
لم يتزوج
غير أنه عرف عن النساء كل ما يمكن
أن توصِّفه خبرة (دنجوان )على عتبة السبعين
والعديد من صديقاته
لم يزلن يقمن بواجباته كرجل وحيد.
شهد صعود نجمة اليسار الملتهبة
التي أحرقت (الشيادر)وأحلام التملّك
وأبصر أيضاً
انطفاءها الذي كيّس النساء
بالسواد، وسيّج البحر بالأسمنت.
أفلت بالمصادفة من ميتتين
محققتين في حروب الأخوة
وفي كل مرة كان يحمل صندوقه الخشبي
ويتنقل بين ثلاثة أماكن للأدباء.
حين تداهمه فكرة الموت
لا يفكر بمكان دفنه
ومن سيرث معاشه التقاعدي
وأشياءه التي في الصندوق
ولا يفكر بـ”بصيرة” المسكن الذي
يُبنى بالإستقطاع من مشاهرته
يفكر فقط
بوجوده في عقد تأجير “فندق”
يفرض عليه أن يظل
كل ليلة – ومن سقيفة خشبية
يصعد إليها بسلم متآكل –
مفتِّحاً حواسه على
هوس خليط
من النساء والرجال
منحشرين
في علبة ليل
أعدها قبل أعوام قليلة
خواجات في شركة نفط
لتكون مُصلَّى!!!
(*) النص من مجموعتي الثالثة (مرقص ـ الليل محمل بحصته الثخينة) 2004