المواطن/ كتابات – وضاح اليمن الحريري
انتهت مشاورات استوكهولم بين طرفي الشرعية والحوثيين بمجموعة من التفاهمات والاتفاقات بينما تم ترحيل مجموعة اخرى منها مبدئيا إلى يناير من العام القادم،هذه الاتفاقات مثلت خطوة في مشوار وقف الحرب والمرحلة التالية له في بناء السلام، ومن الجيد جدا ان يقر بعض من افراد الشرعية بحسب تصريحات عنهم، ان الجانب الإنساني كان من أهم معاييرهم في المشاورات فقليلا جدا اذا لم يكن معدوما ان تراعي الشرعية الجانب الانساني سواء في حربها مع خصومها او في ادارتها للمناطق المحررة، حقيقة هذا الموقف يستحق الثناء عليه، إذا صدقوا فعلا في نواياهم ودوافعهم.
الأجمل أيضا ان تسير الشرعية في ركاب الموقف الدولي، الساعي لوقف الحرب وبناء السلام، بعيدا عن نظرية المؤامرة والشعور بان العالم يستهدفهم، لقد تعلموا حقا أن للسياسة اساليبها ووسائلها، وان للمشاورات والتفاوض طرقها وادواتها، وان الزمن المنقضي في الحرب لم يعد يوما او أسبوعا، بل صار بالسنوات، مما يعني ان عرض انفسهم كابطال لاستعادة الدولة كما يقولون، سينتهي وقته، ليراهم العالم بعد ذلك مجرد مجموعة جلادين، يقتلون ابناء بلدهم وشعبهم، بلا ضمير او رحمة، بالحرب وبالحصار وبالدمار، لقد فضلوا ان يحضروا في جريان العالم انسانيا، على ان يستمروا في معركة الدم الكبيرة في الحديدة، لم يخرجوا مهزومين من المشاورات، حيث لا هزيمة ولا نصر، في هذه المواقف، حيث تتم المساومة على اساس الحفاظ على المواقع في الأرض اكثر جدوى من النزيف الحاد باسم النصر.
اذن لقد انتشت ستوكهولم بتقدم جزئي لصالح اليمنيين، كان الأمر برضاهم وقناعتهم او غصبا عنهم، اليمنيون الذين يتقاتلون فيما بينهم تحت يافطات ومقولات اوغلت في تقديمهم ضحايا لصراعاتها، أكثر مما خدمتهم.
ستؤدي نقلة ستوكهولم الى نقلة اخرى كما هو واضح، موعدها قريب جدا، ليستمر تدوير العجلة لحل وحلحلة الوضع في اليمن، لقد سقطت تنظيرات كبيرة امام تقدم المشاورات، الى هذه اللحظة على الأقل، وظهرت السياسة بحرفيتها وحرافاتها، دون الانجرار الا للأهداف المتوخاة، السياسة بمناوراتها وعملياتها المتداخلة، هزمت التنظير مبدئيا، لسبب موضوعي وهو فرض الحرب ذاتها لعوامل جديدة ضاغة، تجبر اطرافها على الجنوح ولو الى السلم المعلق، فلا نصر مكتمل ولا هزيمة فادحة، لا سلم شامل ولا حرب على عواهنها، لقد أحدثت ستوكهولم نظريا فرقا سياسيا، بين ان المتحاربين اليوم، سيكونون غدا شركاء، وهو امر وارد، لتجاوز مرارات السنوات المنقضية في الحرب، ولحسابات سياسية اضافية تتعلق بالمستقبل، هذا الفرق السياسي يميز ما بين ربطة اكل الماشية في الزريبة، وبين طاولة المفاوضات، مابين النوازع والرغبات وبين الحسابات للربح والخسارة، وما بين المصالح الانانية الفردية وبين البحث عن حلول جماعية، إذا استثمرت ونفذت تفاهمات واتفاقات ديسمبر 2018م بطريقة جيدة، سيكون هناك فعلا، وعلى ارض الواقع فروق مهمة، لعل اهمها هو الفرق بين الزريبة وستوكهولم ذاتهما.