د. محمد أحمد علي المخلافي
*نائب امين عام للحزب الاشتراكي اليمني
إن إقامة الائتلافات والتحالفات السياسية هي مهمة برنامجية للحزب الاشتراكي اليمني، إذ ينص البرنامج السياسي للحزب على أن: “انتشال اليمن من أزمته الشاملة وإنجاز عملية تحديثية، ليس مسؤولية فئة اجتماعية أو حزب سياسي بمفرده، بل بتظافر سائر قوى المجتمع صاحبة المصلحة في التنمية والتحديث والديمقراطية والتمدن ويؤمن أن تحقيق هذه المهام التاريخية يستدعي إجراء مصالحة وطنية شاملة، وإصلاح مسار الوحدة وانطلاقًا من ذلك يوجه الحزب دعوة صادقة إلى كافة الفئات والشرائح الاجتماعية والأحزاب والشخصيات المستقلة لرص صفوفها وتوحيد جهودها وابتداع الأشكال المناسبة للعمل المشترك من أجل تحقيق المهام المشتركة…”.
إذن تبني الحزب الاشتراكي اليمني مع شركائه من الأحزاب والمكونات السياسية إقامة تحالف وطني واسع ليس بسبب الحرب وما ترتب عليها من اغتصاب للسلطة فحسب، بل تجسيدًا لمهمة برنامجية رئيسية للحزب.
لقد وجد الحزب الاشتراكي اليمني أن التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية لم يستوعب كل القوى الداعمة للدولة والمناهضة للانقلاب عليها؛ إذ أطلق أمينه العام الدكتور عبدالرحمن عمر السقاف دعوة لتأسيس كتلة تاريخية للنهوض بالمهام التاريخية ومواجهة التحديات التي ترتبت على حرب 1994م وحرب 2014م المستمرة وظهور الادعاء السلالي للاستئثار بالسلطة والثروة، وهي دعوة جرى مناقشاتها داخلياً من قبل كوادر الحزب وانصاره عبر المجموعات الالكترونية المختلفة، وبالتالي كان الحزب الاشتراكي اليمني ممن انخرطوا بالحوار من أجل إنشاء التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية ليحل محل التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية، وذلك بانخراط المكونات السياسية الجديدة في الجنوب والشمال والتي ضمها الاجتماع التأسيسي الأول ولظروف خاصة بالمجلس الانتقالي الجنوبي ومؤتمر حضرموت الجامع لم يتم مشاركتهما في الاشهار، وستظل مهمة مشاركتهما في التكتل مهمة رئيسية للحوار.
يهدف التكتل، وفقًا للائحته التنظيمية، إلى توحيد القوى اليمنية لإنهاء الحرب واستعادة الدولة وحل القضية الجنوبية باعتبارها المدخل الرئيس لمعالجة القضايا الوطنية ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام العادل والشامل الذي يحافظ على النظام الجمهوري ويحمي سيادة البلاد واستقلالها وسلامة أراضيها ويحقق بناء الدولة الاتحادية، والغاية المباشرة إنهاء الانقسام السياسي بما يحقق إزالة النتائج والآثار الضارة للانقسام من خلال الآتي:
1- التوافق على رؤية موحدة للقضية الجنوبية والاتفاق على إطار خاص بها كما حدث في مؤتمر الحوار الوطني الشامل واستيعاب مستجدات الحرب ورؤى القوى الجديدة، لكي يطرح كموقف موحد في أية عملية سلام قادمة.
2- إزالة فقدان الثقة في العمل المشترك بفعل حرب 1994م وامتدادها حرب 2014م ونتائجها وآثارها والتوافق على المعالجات.
3- العمل على تنفيذ اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة بصورة كاملة وشاملة بما يحقق إزالة الانقسام السياسي والعسكري وتوحيد القرار، الأمر الذي من شأنه أن تتمكن السلطة الشرعية من بسط سلطة القانون على كل المناطق وتعزيز فاعلية الدولة ومؤسساتها: مجلس الرئاسة ومجلس النواب والحكومة، واستقرارها في العاصمة المؤقتة عدن وأداء وظائفهم وأعمالهم فيها، وبالتالي استئصال ظواهر الفساد وتفعيل مؤسسات وهيئات الرقابة الدستورية والقانونية ومن ثم توفير القدرة للحكومة على توفير أولوياتها، وفي مقدمتها، العمل على بسط سلطات الدولة في كل اليمن وتقديم الخدمات للمواطنين وبسط الأمن والاستقرار.
4- إيقاف الحرب الإعلامية بين أحزاب ومكونات السلطة الشرعية وخاصة تلك الشريكة في مجلس الرئاسة والحكومة ومجلسي النواب والشورى وهيئة التشاور والمصالحة.
5- إنهاء التنافس غير المشروع بين الأحزاب والمكونات السياسية للاستمرار في امتلاك وحدات عسكرية، والعمل على وحدة صف قوى الشرعية سياسيًا وعسكريًا.
6- العمل على التخلص من انعكاسات الصراع الجيوسياسي على العلاقة بين الأحزاب والمكونات السياسية ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة وهيئة التشاور والمصالحة.
7- يعول على تكتل الأحزاب والمكونات السياسية تحقيق المغادرة للحالة السياسية التي تخلو من الإرادة الوطنية الجامعة والواضحة والفاعلة وتنعدم فيها العناصر السياسية الضاغطة أو القادرة على خلق زخم سياسي، إذ أن الانقسام السياسي قد أدى إلى أن تكون الأحزاب والمكونات السياسية المختلفة ضعيفة وهشة وغير قادرة على الفعل على الساحة الوطنية بأكملها، وجعل الأحزاب السياسية مرغمة على مراعاة الأوضاع السياسية وغض الطرف عن الانقسامات التي تسود البلاد وتجاهل الخطاب السياسي الضار المثقل بالمذهبية والسلالية والمناطقية والشطرية، ونجاح التكتل في التغلب على هذه العوامل السلبية سوف يحقق وحدة الصف ووحدة القرار والحفاظ على السيادة والاستقلال وسلامة أراضي الدولة.
إذن التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية ليس تحالف إيديولوجي وإنما تكتل من أجل تحقيق مهام تاريخية مشتركة، وغايته إنهاء الانقسام السياسي وتوحيد الصفوف واستعادة فاعلية العمل السياسي، وهو أمر لا يقلق أي فصيل أو مكون من مكونات الشرعية لأنه يحرر الجميع من الهشاشة والضعف، لكنه ما من شك يقلق أمراء الحرب والمتعيشين على هشاشة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية مثل جماعة الحوثي التي لا تقبل بالشراكة والمواطنة ومن معهم من المتعيشين، وماعدا الحوثي وداعميه فإن التكتل مدعوم داخلياً وخارجياً ومن قبل الأشقاء والأصدقاء الداعمين للسلطة الشرعية في اليمن والساعين لتحقيق السلام المستدام.
والحزب الاشتراكي اليمني إذ يهني الأحزاب والمكونات السياسية على التمكن من الانتقال من تحالف واسع إلى إطار أكثر سعة يؤكد على أمرين:
الأول- سرعة تشكيل هيئات التكتل ومباشرة إنجاز مهامه، وفي المقدمة منها، وضع برنامج العمل ورؤية للمستقبل.
الثاني- الحوار مع رفاق الدرب: المجلس الانتقالي الجنوبي ومؤتمر حضرموت الجامع للمشاركة إلى عضوية التكتل.