كثرت زيارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى روسيا في الآونة الأخيرة فيما لا يشير هذا التردد لزعيم بحجمه إلا لعلاقات تحالف متميزة مع قيادة البلد المضيف أو لعلاقات مثقلة بالخلافات.
الرئيس التركي، وفي ظل التوتر والأزمات الإقليمية والعالمية، مضطر للمناورة ما بين الحفاظ على مصالح بلاده، واحتمال خسارة ودّ الحلفاء في الغرب والشرق، وهذا ما يسوّغ مناوراته على مسار تطبيع العلاقات مع موسكو على مختلف الأصعدة وفي مقدمتها الاقتصاد.
فالعقوبات الاقتصادية التي فرضتها موسكو على خلفية حادث الطائرة الروسية شمال غرب سوريا، تثقل كاهل البلدين وتلحق بهما خسائر اقتصادية كبيرة هما بغنى عنها.
وبين القضايا الرئيسية التي تحول دون التطبيع التام بين موسكو وأنقرة، رفض الأخيرة الاعتراف بعائدية القرم إلى روسيا، رغم اهتمام تركيا بتطوير العلاقات الاقتصادية بشبه الجزيرة الروسية المذكورة.
فروسيا من جهة، تعرب عن ترحيبها بدعم تركيا لتتار القرم، لكنها ترفض بالمطلق الدعم التركي لحركة ما يسمى بـ”مجلس تتار القرم” المحظورة في روسيا والمنخرطة بدعم من أوكرانيا في نشاطات تخريبية يحبطها الأمن الروسي بين الفينة والأخرى، فضلا عن ارتباطها بزمر إرهابية تنشط حتى في تركيا نفسها.
ولكن، ورغم القضايا الخلافية الهامة بين البلدين، تبقى أجندة العمل الثنائي والتعاون المشترك بينهما مليئة بالمشاريع وخطط التعاون في ميادين الاقتصاد والطاقة والسلاح، ناهيك عن السياحة التي تدر المليارات على الجانب التركي، إذ من المنتظر قضاء أكثر من خمسة ملايين سائح روسي إجازاتهم الصيفية لهذا العام في المنتجعات التركية بعد إعادة موسكو تحرير السياحة بين البلدين.
السياحة والاقتصاد لا يتفقان مع السياسة
ذكرت مصادر مطلعة في وزارة الخارجية الروسية أن قمة بوتين أردوغان المنتظرة في سوتشي الروسية في الـ3 من الشهر الجاري، سوف تتلقى أنقرة خلالها “إنذارا” أخيرا من موسكو، تسألها فيه عن مدى استعدادها لشراكة استراتيجية حقيقية مع روسيا، وقبل كل شيء رفع الحظر الذي فرضته مؤخرا على استيراد القمح الروسي.
كما سيشمل “الإنذار” الروسي سؤال أنقرة عمّا إذا كان من مصلحتها الاستمرار في دعم الزمر الإسلامية الراديكالية في سوريا، فيما بوسع روسيا تقديم الدعم اللازم للأكراد في حربهم على “داعش”؟
والسؤال في الختام: هل ستثمر قمة فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان المرتقبة بتبديد الشكوك وتقديم الإجابة عن هذه التساؤلات، ولاسيما بعد أن برع الزعيمان في تذليل أصعب العقبات عبر الحوار البناء وبالاستناد إلى مبادئ الحل الوسط والتراضي.
قمة بوتين أردوغان الـ5 من نوعها في 9 أشهر
اللقاء الأول للزعيمين بعد توتر العلاقات إثر حادث الطائرة الروسية، عقد في بطرسبورغ الروسية في أغسطس 2016، أعقبه اجتماع على هامش قمة الـ20 في سبتمبر بمدينة هانزو الصينية، وبعده لقاء في اسطنبول في أكتوبر من نفس العام، حتى كان آخر لقاء لهما في موسكو في مارس الماضي ترأسا خلاله اجتماعات “مجلس التعاون الروسي التركي”