أ.د. محمد قحطان
ضخ كميات جديدة من العملة اليمنية في السوق النقدية.. ماذا تعني؟ … وما أثرها على القطاع المصرفي والحياة الاقتصادية والمعيشية:
أولًا: ضخ كميات جديدة من الريال اليمني سواءا بطبعته الجديدة أو القديمة يعني استمرار السلطة الشرعية بالعمل بالسياسات التضخمية دون أي حساب بما ال إليه الوضع الاقتصادي من تدهور وكذا معاناة الناس المتزايدة بسبب الارتفاعات ألمستمرة لأسعار السلع والخدمات مع انعدام فرص العمل وانعدام أو تراجع الدخول للفرد والأسرة اليمنية في عموم الأراضي اليمنية.
ثانيا : من الواضح بأن هذه الخطوة المتخذة من قبل حكومة الشرعية غير مدروسة، إذ تشير إلى أن الحكومة تواجه عجزًا في تمويل التزاماتها وبدلًا من العمل للسيطرة على الوضع الأمني في المناطق التي تهيمن عليها وهي المناطق العاملة في مجال استخراج الثروة النفطية والغاز بالإضافة إلى ما يفترض سيطرتها مع دول التحالف العربي الداعمة لها على كافة المنافذ الدولية البرية والبحرية والجوية وما يعنيه ذلك من موارد من الضرائب الجمركية بالإضافة إلى ما يمكن أن يتدفق من الدخول العامة لخزينة الدولة من مختلف الأوعية الايرادية عند حسن إدارتها. ذهبت للحلول السهلة غير المكلفة على السلطة والمهلكة للوضع الاقتصادي المنهار أصلًا وما تسببه من ارتفاع لمعاناة الناس من خلال التمويل باصدارات نقدية جديدة من شأنها مضاعفة التضخم واستمرار انهيار قيمة الريال اليمني.
ثالثًا: لم تستفيد حكومة الشرعية من سوء ما وقعت فيه من أخطاء سابقة بخصوص تميز شكل الطبعة النقدية الجديدة والتي أدت إلى تعميق انقسام الجهاز المصرفي بين صنعاء وعدن وظهور مشكلة الانقسام في سعر الريال في كل من المناطق المسيطر عليها من قبل الشرعية والأخرى المسيطر عليها من قبل الحركة الحوثية، إذ قامت بإصدار كمية بشكل الطبعة القديمة ولكن بأرقام ممكن أن تميزها عن الطبعة القديمة المتداولة في المناطق المسيطر عليها من قبل الحركة الحوثية. الأمر الذي من شأنه زيادة تعقيدات الوضع الخاص بإجراءات التحويلات النقدية بين الجهتين (المناطق المسيطرة عليها الشرعية والمناطق المسيطرة عليها الحركة الحوثية) بالإضافة إلى استمرار تدهور سعر الريال بطبعتيه الجديدة الأولى والثانية.
وبناءا على ما سبق يمكن القول بأن الطبعة الجديدة بشكلها القديم ستزيد من الآثار السلبية على الجهاز المصرفي بصورة حادة ستظهر من خلال: تعميق الانقسام للجهاز المصرفي اليمني وبقاء الفجوة بين سعر الريال في الجهتين (جهة المناطق الخاضعة للسلطة الشرعية والأخرى الخاضعة لسلطة الحركة الحوثية) وربما تتوسع في حالة استمرار القبضة الأمنية المتخذة على الجهاز المصرفي المسيطر عليه.
كما أن إعلان سلطة البنك المركزي في صنعاء منع التعامل بالطبعة الجديدة من خلال رصد الفوارق في الأرقام سيؤدي إلى تعقيدات العمل المصرفي بين الجهتين وبالتالي زيادة تكلفة التحويلات من مناطق الشرعية للمناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحركة الحوثية، ومن شأن ذلك التأثير السلبي على ما تبقى من الحياة الاقتصادية واستمرار تدهور الحياة المعيشية للسكان في كلا الجهتين.
وكل ما تقوم به الحكومة من إجراءات وما يقابلها من ردود أفعال الحركة الحوثية ينطبق علية معنى المثال الشعبي الشائع (عمياء تخضب مجنونة )، إذ كان المطلوب من حكومة الشرعية هو أن تعمل بسياسات مالية ونقدية تؤدي إلى تضييق الفجوة في انقسام الجهاز المصرفي وكذا في التفاوت بين سعر العملة في الجهتين وبما من شأنه مواجهة التدهور الاقتصادي والتدهور في سعر العملة الوطنية وتفعيل الجهاز المصرفي في عموم المحافظات اليمنية، وذلك ممكن من خلال الاتي:
1 ) الإعلان عن انتهاء العمر الافتراضي للطبعة القديمة المتداولة في المناطق المسيطر عليها من قبل الحركة الحوثية باعتبارها أوراق متهالكة يفترض أن تفنى من الوجود وتستبدل بطبعات جديدة بنفس الارقام والمواصفات وذلك باتخاذ الإجراءات المناسبة لسحب التآلف خلال فترة زمنية محددة بعدها يعتبر التعامل بها خارج القانون باعتبار ذلك جريمة يعاقب عليها القانون كونها فقدت الحق القانون للتبادل.
2 ) إصلاح الجهاز المالي للدولة بتفعيل الأنظمة المحاسبية الموحدة والعمل على السيطرة التامة على الأوعية الايرادية من خلال مواجهة الفساد بصورة حاسمة ودون تهاون أو تخاذل في مواجهة الفاسدين والحفاض على الأموال العامة بحيث تتدفق الأموال العامة لخزائن البنك المركزي وفروعة في المحافظات. وبرأيي أن ذلك ممكن في حالة تنفيذ اتفاقية الرياض بين قيادة الشرعية وقيادة المجلس الانتقالي. الأمر الذي من شأنه استعادة كافة مؤسسات الدولة واخضاعها للسلطة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن.
مع أهمية العمل على عودة كل العاملين في مؤسسات الدولة لداخل اليمن وكذا عودة العمل الدبلوماسي والمنظمات الدولية ومراكز الشركات ومؤسسات المال والأعمال للمناطق التي تسيطر عليها السلطة الشرعية، وكذا تفعيل كل شركات النفط والغاز والوحدات الاقتصادية بكل فروعها في المحافظات، الأمر الذي من شانه أن يؤدي إلى تدفق الأموال العامة لخزينة الدولة والحفاظ على أكبر قدر ممكن من التوازن في ميزان المدفوعات وبالتالي توفير أرصدة نقدية بالعملات المحلية والأجنبية في خزائن البنك المركزي اليمني يمكنها تحسين المركز المالي للسلطة الشرعية وتعافيه ويمكنها بعدئذ إدارة مؤسسات الدولة دون الحاجة للعمل بالسياسات التضخمية التي تعمل بها وتتخذ منها ملاذا لمواجهة نفقاتها المتزايدة الأمر الذي يؤدي لاستمرار التدهور في الوضع الاقتصادي وزيادة معاناة الناس مع استمرار الحرب وعدم تحقيق السلام.