كتابات ـ فهمي محمد
توقفت معركة الحديدة بعد أن استسلمت المملكة العربية السعودية لتلك الضغوطات الدولية، وذهب طرفي القتال في اليمن إلى مشاورات السويد التي تم إختزالها في ترتيب الوضع العسكري في مدينة الحديدة، بمعزل عن المشكلة اليمنية ببعدها الوطني والسياسي، وهذا يعني أن التحالف وحكومة الشرعية لم تستطيعان أن يستثمرا سياسياً تلك الإختلالات في ميزان القوى العسكرية التي بدت لصالحهما في معركة الحديدة، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى حجم تلك الضغوطات المكثفة التي تعرضت لها السعوديه وحكومة الشرعية على إثر إندلاع الجولة الثالثة من معركة الحديدة التي تزامنت مع محنة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وقد أشار مؤخراً وزير الخارجية اليمني احمد عوض بن مبارك أثناء لقائه في بداية هذا الشهر مع قناة الجزيرة إلى تلك الضغوطات وحجمها في سياق حديثه المقارن مع الضغوطات التي لم تمارس دولياً على الحركة الحوثية التي تشن هجوماً شديداً على مدينة مأرب المثخنة بالنازحين ناهيك عن كونها تعد معقلاً للقيادة العسكرية في حكومة الشرعية.
لم تؤدي مشاورات السويد إلى تحييد الحديدة (بما تمثلة من خط إمداد للحركة) وإخراجها من خارطة الموجهات العسكرية مع الحركة الحوثية فحسب، بل عملت على إسقاط ثنائية الشرعية والانقلاب باعتبار أن هذا الأخير هو جذر المشكلة والحرب في اليمن (لكونه إنقلاب على مكتسبات الثورة الثالثة في اليمن وعلى التوافق الوطني).
ففي الوقت الذي تعاملت فيه نصوص إتفاق السويد نظرياً مع نزع فتيل المواجهة العسكرية في الحديدة على قاعدة الحرب بين طرفين داخل اليمن، وليس بين حكومة شرعية وحركة انقلابية ، وهذا بحد ذاته يعد مكسب كبير للحركة الحوثية التي استطاعت أن تسقط مبدأ الشرعية و مسألة الإنقلاب من معادلة الصراع السياسي والعسكري في الحديدة، بل أكثر من ذلك تمكنت من تجاوز القرار الأممي الذي يدينها ويلزمها بتسليم سلاح الدولة والغريب أن يحدث مثل هذا التجاوز برعاية دولية.
هذا من جهة أولى ومن جهة ثانية كانت مسألة الفشل في التطبيق الفعلي لإتفاق السويد على الأرض، وقدرة الحركة الحوثية على المراوغة السياسية أثناء الحديث عن تفاصيل التنفيذ، قد أدى إلى سيطرة الحركة الحوثية فعلياً على مدينة الحديدة وعلى الميناء، وبالشكل الذي يجعل من أي محاولة عسكرية من قبل حكومة الشرعية وقوات التحالف تجاه هذه السيطرة الفعلية، أو المساس بها، عمل عسكري مدان دولياً بموجب اتفاق السويد الذي لم تلتزم به الحركة الحوثية وهذا ما يتم العمل به حتى اليوم، ما يعني في النتيجة النهائية أن الحركة الحوثية من بعد إتفاق السويد وحتى اليوم وجدت نفسها ليست بحاجة ماسة إلى بقاء الكثير من قواتها المقاتله في الحديدة !
يتبع….