كتابات – وسام محمد
ليس لدينا خيار آخر، سوى خيار دعم الجيش ومؤازرته بكل السبل في معركته مع مليشيات الحوثي السلالية والكهنوتية. المعركة التي اندلعت في عدد من جبهات تعز، منذ ثلاثة أيام، وحقق الجيش خلالها تقدمات مهمة.
تأخر هذا التحرك؟ نعم. لكن الوقت لم يفت بعد، ثم أنها معركتنا المصيرية، والتي علينا أن نخوضها، طال الزمن أو قصر. علينا ان نتحد مجددا، ونقوم بدورنا في دعم ومساندة الأبطال في الجبهات. هذا هو أقل واجب يمكن القيام به الوقت الحالي، وأبسط تحية للإبطال وهم يضحون ويحققون الانتصارات.
ومع الاحترام الكامل للتقديرات التي يتحرك من خلالها قادة الجيش، لكن المطلوب اظهار مزيد من الجدية، فهذا شرط أساسي لعودة توحد الناس، وإزالة ما علق في نفوسهم من احباطات جراء السكون الطويل، أو حتى من أجل قطع الطريق على جوقات التشكيك التي تزدهر عادة في مثل هذه الظروف ولا يكون ثمة طريقة لاخراسها سوى من خلال الرد القادم من الميدان ومن عبر الطريقة التي تدار بها المعركة.
المطلوب تحريك الجبهات البعيدة عن المدينة، كونها مفتوحة، وتبعات التحرك فيها أقل على السكان، وأيضًا لأنها توفر إمكانية أفضل لتحقيق انتصارات كبيرة وسريعة. من الواضح ان العدو في أضعف حالاته.
صحيح إن الحسابات الصغيرة ستظل موجودة دائمًا، لكن عندما يكون هناك ظروف موضوعية تحتم علينا أن نتوحد مجددًا، يجب أن نتوحد ونعمل بمقتضى هذا التوحد ونجعله يظهر جليًا في مواقفنا وفي ادوارنا، وعندما تتاح الفرصة الكاملة، لتحقيق انتصارات معتبرة، يجب أن نستغلها، لأن اهدارها سوف يرقى الى درجة الخيانة العظمى. فالتاريخ في جوهره ليس أكثر من منعطفات حادة ولحظات حاسمة، ومواقف عظيمة إزاء كل ذلك.
علينا أن نقوم بكل ما نستطيع القيام به، ليس فقط من منطلق الواجب الوطني، ولكن أيضا من منطلق الواجب الأخلاقي والإنساني.
مطلوب من العسكريين، جنودًا وضباطًا، داخل الجيش وخارجه، رفع الجاهزية وأهبة الاستعداد القصوى. فميدان المعركة مفتوح ويستوعب كل الجهود والأدوار، ولن يتوقف عند التدقيق ما إن كنت جندي أو ضابط تتبع هذا اللواء أو ذاك أو هناك ظروف (أيًا كانت) جعلتك خارجها، لأن المهم هو الدور الذي يمكنك تقديمه، عندما تتطلب المعركة ذلك. هذه معركة تخاض في سبيل كل القيم التي وجدت العسكرية الوطنية الشريفة من أجل الدفاع عنها.
أمام الأحزاب السياسية أيضا مهام وأدوار لا تقل أهمية ويجب أن تقوم بها. لقد كان لفروع الأحزاب الكبيرة في محافظة تعز، دور مشرف ومؤثر في بداية اندلاع المقاومة. وهذا الدور المتميز كان نابعا من تحليل دقيق للواقع ومتطلباته وكان ينم عن رؤية واضحة عنصرها الرئيس، الوقوف في صف الناس ولأجل كل المكاسب السياسية والاجتماعية التي تحققت لكن أيضا من أجل الحفاظ على الاحلام الكبيرة التي أشهرتها ثورة فبراير والتي لا يمكن تحقيقها او حتى التفكير بها مجددا بدون خوض معركة فاصلة.
ها هي المعركة لا تزال قائمة، وها هو الموقف اليوم يتطلب مزيد من الإصرار والتوحد وأيضا العمل المشترك من أجل ترجيح كفة المستقبل على كفة الماضي المتغطرسة والتي لا تمتلك شيء سوى سلع الموت والفقر والجوع. فلا قيمة لأي عمل سياسي أو لأي تحالفات اليوم وفي أي وقت بينما لا تقوم بدورها إزاء القضية الرئيسية. والقضية الآن هي خوض معركة دحر وهزيمة مشروع الحوثي السلالي المناقض لكل قيم السياسة والديمقراطية، واستعادة الدولة التي بدونها يستحيل التفكير ببقاء وحياة أي حزب سياسي.
أمام النشطاء الحقوقين أيضًا مهام كبيرة، لا تتعارض مطلقًا مع قيم ومعايير العمل الحقوقي والانساني. فمن واجبهم مراقبة كل الانتهاكات التي تخالف قواعد القانون الدولي الإنساني، وتوثيقها، وايصالها لكافة الجهات المعنية، محلية أو دولية. فنحن نثق أن أصحاب القضية العادلة ومن يخوضون الحرب من أجل قيم الحرية لا يمكنهم اللجوء الى ارتكاب الجرائم خارج قواعد الحرب المعروفة، وان وجدت أخطاء فيجب ان توثق وتعلن حتى يتم الاستفادة منها والعمل على تجاوزها. لكن الطرف الذي يخوض الحرب في سبيل الأوهام ولصالح قيم العبودية، فمن الطبيعي ان يلجأ لارتكاب جرائم الحرب، بسبب طبيعة مشروعه الرجعي والمتخلف أولا، ثم عندما يمنى بالهزائم ثانيا وثالثا وطوال الوقت.
في هذه المعارك المشتعلة في مختلف الجبهات، هناك ثلاث جرائم على الأقل أصبحت مشهورة ومعروف ان مليشيات الحوثي ترتكبها طوال الوقت وعلى نحو أشد عندما تهزم وتندحر. هناك جرائم تفجير المنازل، وهناك جرائم قصف الأحياء السكنية بالصواريخ والقذائف وقتل المدنيين، رجال ونساء، أطفال وشيوخ.
وهناك جرائم زرع الألغام بشكل عشوائي وكثيف في الأحياء والمناطق التي يتم دحر المليشيات منها، والتي ستظل تحصد أرواح الأبرياء لوقت طويل. من المهم رصد وتوثيق هذه الجرائم وغيرها، بمهنية واحترافية، ثم ايصالها لكل المحافل والفعاليات المعنية بحقوق الانسان على مستوى الداخل والخارج، وقبل ذلك اطلاع الراي العام المحلي والدولي، بحقيقة جماعة الحوثي وحقيقة ما ترتكبه من جرائم متواصلة بحق شعبنا منذ سنوات.
لا يتحقق النصر ولا يسمى نصرًا، إلا إذا ساهم في صناعته جميع أفراد المجتمع القادرين على ذلك، لا يسمى نصرًا إلا إذا تحقق بمشاركة كل المواطنين المتمسكين بحقهم في الحرية وفي دولة المواطنة والعدالة وبالنظام الجمهوري. أما الهزيمة فيكفي أن تحدث حتى تشمل الجميع بدون استثناء.
هذه لحظات فارقة يجب أن نكون عند مستواها. أو هذا هو الموقف الآن ودائمًا طالما هناك جماعة سلالية تريد حكمنا بالحق الإلهي والقوة العارية وهناك معركة مفتوحة في مواجهتها ومشتعلة.
تحية للإبطال في مختلف جبهات تعز وفي مختلف جبهات الشرف على امتداد تراب اليمن.
المجد للشهداء
الشفاء للجرحى
النصر لليمن