المواطن/ كتابات ـ محمد هائل السامعي
لقد كان لرواد الحركة الوطنية اليمنية في الشمال وفي الجنوب دورا عظيم واسهامات كبيرة في قهر الكهنوت الرجعي والاستبداد الظلامي ،ومقارعة الاستعمار وخوض حروب شرسة معه ،لتحقيق الاستقلال والتحرر من الهيمنة والتبعية والارتهان ،وقد نجحوا في ذلك بشكل مناسب ،ونقدر في ذلك نضالهم وتضحياتهم الجسيمة ، الا أننا كأحزاب سياسية وقوى مدنية وثورية اصبحنا عاجزين وفشلنا في استعادة بلد أصبحت مرهونة وممزقة تتجاذبها مصالح بلدان إقليمية ودولية طامعة ،ومنفذة لإجندة استعمارية ،وان على كل الدول الصديقة والشقيقة ،ممن تعزز استمرار الحرب ،أن تحترم سيادة اليمن ،وتوقف عبث أجندتها المرتهنة،فالشعب الحر يوما لا محال ،سيستعيد حريته ومجده ،وسيحقق لبلده السيادة الكاملة ،البعيدة عن الارتهان والتبعية،و ليكون هذا التاريخ ، يوم 30من نوفمبر المجيد ،يوما للتمرد على العبودية والهيمنة ومع الاستقلال والتحرر للشعب اليمني الحبيب.
يبدو هناك خلل ،فشعوب العالم العربي، وجزء أصيل منها- الشعب اليمني ،على مدى القرون الماضية ،لم تستطع التخلص الكامل من الارتهان والتبعية للدول الكبيرة والمؤثرة و المحيطة بها ،والمحدقة بثرواتها وطامعة بموقعها وتحكمها المصالح ،وقد يكون للتشطير والتجزئة التي صنعت من الوطن العربي دويلات صغيرة هي السبب الأكبر في إضعاف هذه الأمة ومصادرة قرارها السيادي ، فمعظم البلدان العربية ، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى ،كانت وما تزال تحت الوصاية و الهيمنة الاستعمارية الأوروبية، وظلت تحت الانتداب و الارتهان حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، إلى أن بدأت بعضها تنشط لتنال استقلالها ،الذي حصلت عليه وبشكل نسبي،ولم تمنح الاستقلال الكامل بقراراتها السياسية والاقتصادية ،وهيمنة الاستعمار اللاحق -اللإمبريالية الأمريكية ،المهيمنة على قرار العالم أجمع،وعالمنا العربي الذي ارتهن بشكل كامل ،بعد تراجع الاتحاد السوفيتي الداعم لحركات التحرر العربي ،والانقضاض على الحركات التحريرية والأنظمة الثورية الديمقراطية في الوطن العربي ،واليمن الجنوبي ،الذي لايختلف عن شماله .
ان شعور بريطانيا بالموجة التحريرية الذي أثرت بشكل واضح على القوى المُعارضة لقوى الاحتلال والهيمنة ،على جنوب اليمن ،واستمرار تيارات التحرر الوطني بنشاطها في الخمسينات من القرن الماضي ،حيث وقد عمدت حينها بريطانيا على احداث صراعات بينية ،وصناعة عناصر تنفذ أجندتها ،الا انها فشلت ،في تعميق الصراع داخل تيارات التحرر المناهضة للاستعمار،وحسم الأمر من قبل الجبهة القومية حينها ،كقوة تعمل على الأرض ،في نضال دؤوب ،واستعادة وطن مسلوب الإرادة ، وتقرير مصير ،كحق مكفول في تشريعات الأمم المتحدة ،و كما هو الحال اليوم من صراعات لقوى محلية مدعومة من الخارج المعادي ، مع ضعف القوى الوطنية ،الذي يتوجب عليها الحضور ،كقوة شعبية سلمية مناهضة للارتزاق والارتهان والحرب بدلا من تسليم اليمن لايادي عابثة ،ومتطفلة ،ضاربة بحلم الشعب على حائط الذل والبؤس والكوارث .
بعد اعتماده على توعية المجتمع ،والرفع من مستوى وعيه التحرري،وانتهاج النضال السلمي كطريق للخلاص من التبعية والاستعمار ، استطاع المهاتما غاندي من انتزاع استقلال بلاده، وتحريرها رغم التجويع ، والاعتقال ،والظلم ،ولنا أن نستفيد من هذه التجربة الخالدة ،مع مانعيشه اليوم من تمزيق للصف الوطني ،وتعدد مشاريع الارتزاق والفوضى والعمالة ،ولا يمكن لنا استعادة وطن الا بتحمل المسؤولية والنضال المستمر ،في تحفيز الجماهير ،وقيادة رفضهم القاطع ودعمهم الكامل للخروج السلمي في وجه ،تجار الحروب ،وجماعات المصالح وشغل الارتزاق والارتهان ،وقطع يد العمالة واستعادة سيادة بلد ،اسمها اليمن،فابلداننا لا يمكن لها الاستقلال والتحرر والاستقرار مع وجود هذه الجماعات العابثة في بلداننا و المصنوعة من قبل دول استعمارية لتدمير مجتمعاتنا ،وما علينا الا التفكير الحر بكيفية التخلص من الاستعمار الحالي ،العميل المحسوب وطني ،والاخطر من الاستعمار القديم الأجنبي .