المواطن / صحف
كشفت مصادر محلية في محافظة إب اليمنية (170 كيلو متر جنوبي صنعاء)، لصحيفة الشرق الأوسط، عن تزاييد انتهاكات الحوثيين خلال الشهرين الماضيين، بحق الطفولة والأطفال في المحافظة ومناطق يمنية أخرى واقعة تحت سيطرتها، من خلال جرائم متنوعة تأتي في مقدمتها عمليات الاختطاف والتجنيد القسري.
وبحسب الصحيفة تصاعدت خلال الشهرين الماضيين ظاهرة اختفاء الأطفال من الشوارع والأحياء بمدينة إب؛ ويتهم السكان ممن فقدوا أطفالهم قادة جماعة الحوثي ومشرفيها بوقوفهم وراء اختطاف العشرات من أبنائهم (صغار السن) والمتاجرة بهم في التسول من جهة، والزج بهم في جبهات القتال من جهة ثانية.
وكشفت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن أن المحافظة شهدت منذ مطلع الشهر الجاري اختفاء أكثر من خمسة أطفال من صغار السن من عدة أحياء وسط ظروف غامضة، وإن من بين الأطفال المختفين: الطفل نزيه علي شوفر (16 عاماً) الذي اختُطف قبل يومين من أمام منزله بمنطقة السبل وسط المدينة، والطفل أسامة عبيد محسن (14 عاماً) الذي خطف في اليوم نفسه بالقرب من السوق المركزية بمركز المحافظة.
وأشارت المصادر إلى أن حالات الاختطاف التي تعرض لها الأطفال صغار السن في إب مؤخراً، جاءت استمراراً لحوادث أخرى شبيهة كانت شهدتها المحافظة ذاتها على مدى الفترات الماضية، من خلال اختفاء عشرات من الطلبة والأطفال من الشوارع والمدارس بصورة مفاجئة، ومن ثم ظهور أعداد منهم في جبهات القتال أو في سجون الميليشيات الحوثية، مؤكدة أنه عقب كل حادثة اختطاف جديدة يتعرض لها أطفال إب، سرعان ما توجه أصابع الاتهام إلى الجماعة ذاتها، باعتبارها المستفيد الوحيد من تلك الجرائم، بغية تجنيدهم للقتال في جبهات مختلفة.
كما كشفت مصادر أمنية مناهضة للجماعة في إب لـلصحيفة عن وصول عدد الأطفال المختطفين في المحافظة، على مدى شهرين ماضيين فقط إلى أكثر من 68 طفلاً، موضحة أن من بين الأطفال المختطفين، 7 أطفال كانوا قد قدموا مع ذويهم قبل أيام من قرى وتجمعات تقع في أطراف إب إلى مركز المحافظة، بعد ضغوطات مارسها مشرفون حوثيون تجاههم للمشاركة في احتفالية «يوم الولاية»، ولم يعودوا بعدها إلى منازلهم.
وقالت: أن ذوي الأطفال المختطفين سارعوا عقب الفعالية بساعات لإبلاغ الأجهزة الحوثية بحادثة اختفاء أطفالهم، وتغاضت الجماعة ولم تحرك أي ساكن، وتوقعت المصادر الأمنية وقوف قادة ومشرفيين حوثيين بارزين في المحافظة وراء عمليات اختفاء أولئك الأطفال وغيرهم في المحافظة.
واستدلت المصادر بما شهدته إب ومديرياتها على مدى الأشهر الماضية من عمليات استهداف حوثي ممنهج للمئات من الأطفال، من خلال استدراجهم لحضور وتلقي دورات طائفية وعسكرية مكثفة، تمهيداً للزج بهم فيما بعد في جبهات القتال المختلفة.
وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً قد اتهمت في وقت سابق الحوثيين بتجنيد 30 ألف طفل، بينما أكدت حينها تقارير حقوقية محلية ودولية ارتكاب الجماعة «جرائم حرب» بحق الطفولة في اليمن، في تحدٍّ صارخ لكل القوانين والمواثيق المحلية والدولية التي تجرم تجنيد الأطفال، مشيرة إلى وجود ما لا يقل عن سبعة آلاف طفل مجند في صفوف الحوثيين.
ويرى مراقبون محليون أن تجنيد الأطفال يعد من الجرائم الأشد بشاعة التي اقترفها الحوثيون ضد الأطفال من أجل تعزيز جبهاتهم. وأشاروا إلى أنه وعلى مدار سنوات الحرب الماضية، دفع الأطفال في اليمن عموماً، وفي إب على وجه الخصوص، كلفة باهظة للغاية، سواء بسبب الجرائم الغادرة التي ارتكبها الحوثيون مباشرة، أو بسبب الفوضى الأمنية التي تفسح الميليشيات المجال أمام تفشيها بشكل مرعب للغاية.
ونتيجة لما تسهده مدينة إب من انفلات أمني متزايد، تزايدت معه حدة الجرائم والقتل اليومية وتصاعد سقوط قتلى وجرحى بينهم نساء وأطفال بـ«الرصاص الراجع» التي يتم إطلاقها في الأعراس ومواكب تشييع جثامين قتلى الجماعة، ونزاعات الأراضي، وشهدت المحافظة على مدى الأيام القليلة الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الضحايا والإصابات بين الأطفال والنساء بسبب تعرضهم للرصاص الراجع من الهواء.
إذ كشفت تقارير محلية عن إصابة أكثر من 14 طفلاً برصاص طائش في مناطق متفرقة من إب، منذ مطلع شهر أغسطس (آب) الجاري، موضحة أن نحو 6 أطفال منهم لقوا مصرعهم، بينما أصيب 8 نتيجة إصابتهم بالرصاص الراجع بالمدينة وبعض من مديرياتها، في ظل استمرار تصاعد أعداد الضحايا والمصابين.
وأشارت إلى أن من بين ضحايا تلك الجريمة التي وصفت بـ«الجديدة»، طفلاً مقتولاً، وطفلين مصابين، الأسبوع الماضي في إب نتيجة الرصاص الراجع، مؤكدة أن الطفل عبده راجح، توفي جراء إصابته برصاص راجع، وأصيب طفل آخر بمنطقة ضراس بمديرية السياني، جنوب المحافظة.
ووفقاً للتقارير، أصيبت بعدها بيوم الطفلة زينب سالم (14 عاماً) وتنتمي لمنطقة الجراحي بالحديدة، ونزحت إلى إب نتيجة الحرب، بإصابة بالغة في الرأس، برصاص راجع، وترقد حالياً في قسم العناية المركزة، بمستشفى الثورة العام بمدينة إب.
ومنذ إندلاع الحرب الدائرة في اليمن بين الحوثييون والحكومة المعترف بها، في أواخر العام 2014، ارتكب الحوثييون العديد من الانتهاكات والجرائم ضد الأطفال، مُخلِّفة وراءها حالة إنسانية شديدة البؤس.