المواطن / كتابات ـ فهمي محمد
داعي المذهب ام داعي القبيلة
فيما يتعلق بهذا التطابق البرجماتي المذكور سابقاً بين شيخ القبيلة وإمام السلالة، يقول المفكر قادري احمد حيدر أن إمام المذهب وشيخ القبيلة قد رأي كل واحداً منهما صورته في الآخر ، لكن هذا التطابق قد حدد في الواقع السياسي والإجتماعي داخل المجال العام للمكون الزيدي أفق وحدود يجب أن تتوقف إعتمالات الطرفين عند حدودهما، بمعنى آخر لا مانع من أن تستمر القبيلة في ممارسة دورها التأريخي والوظيفي وبشكل يمكنها من إستغراق المجال الإجتماعي للمكون الزيدي على وجه التحديد بشرط عدم تحولها بعد ذلك إلى القبيلة بالمفهوم السياسي = { القبيلة السياسية } وفي المقابل لا مانع من أن تستمر السلطة السياسية بيد إمام السلالة السياسية لكن بدون مشروع سياسي يعمل على تغيير بنية المجال الإجتماعي أو يحدث إنقلاب على حالة التراتبية فيه، ومع ذلك نجد أن هذا الأفق وهذه الحدود التي وزعت المجال الإجتماعي والسياسي بين شيخ القبيلة وإمام السلالة لم تضع حداً لمسألة الطموح والمشاريع الشخصية عند الطرفين إنطلاقاً مما هو استراتيجي في مخيال كل واحداً منهما بدوافع التوجس من سلطة الآخر ونفوذه لاسيما وأن سلطة السلالة السياسية ظلت تفتقد دائما لشرط جوهري إستراتيجي في المعادلة السياسية الضامنة والقائم في الواقع على منطق “إمام الشيخ وشيخ الإمام” كما حدث بعد ذلك مع سلطة القبيلة السياسية التي حكمت بعد ثورة ال26 من سبتمبر 1962/م وفق معادلة إستراتيجية تعتمد على منطق سياسي = { رئيس الشيخ وشيخ الرئيس} .
وعطفاً على هذه المسألة المتعلقة سابقاً بالمشاريع أو الطموحات الخاصة كان إمام السلالة السياسية حريصاً كل الحرص على تحويل المذهب إلى عقيدة سياسية وإلى نظام معرفي ثقافي على المستوى الإجتماعي، وهنا تظهر أهمية الإحياء لممارسة الشعائر الدينية للمذهب وخصوصيته الثقافية في وعي الجماعة المحكومة بالنسبة لإمام السلالة السياسية ( وهو ما يحدث الآن ) فالعمل على إستدعاء الفكرة الدينية والإنتماء المذهبي كفيلان في نظره بأن يجعل داعي المذهب الزيدي الهادوي هو المجاب والمحرك الأول لحركة الجماعة البشرية هذا من جهة أولى، ومن جهة ثانية سوف يؤدي ذلك في نفس الوقت إلى استمرار سلطة السلالة السياسية، التي تتحول فيها سلطة الإمام/ الفرد/ السيد / إلى سلطة مقدسة في الوجدان الشعبي، وعلى العكس من ذلك كان شيخ القبيلة حريصاً كل الحرص على إحياء عادات وتقاليد القبيلة وتراثها الضارب في تاريخ اليمن من قبل حضور المذهب الزيدي، بل كان حريصاً بكل ما تعني الكلمة على حضور القبيلة وممارسة دورها التأريخي والوظيفي بالنسبة لحياة الفرد، لكي يظل داعي القبيلة ونكفها القبلي هو المحرك الرئيسي لحركة الجماعة وليس داعي المذهب على غرار ما يريده الطموح عند إمام السلالة السياسية، وقد أدى كل ما سبق بشكل عام إلى نتيجتين الأولى على المستوى الاجتماعي تقول أن أمام السلالة وشيخ القبيلة ضلوا على الدوام هم المستفيدين وأصحاب المصلحة والامتيازات وصناع القرار بينما ظل أفراد المجتمع في وضعهم المزري فهم في احسن الأحوال عساكر مجندة في حروب إمام السلالة السياسية ورعية في حمى شيخ القبيلة في مجتمع ظل قرون من الزمن معزول عن العالم، والنتيجة الثانية على المستوى السياسي تقول أن فلسفة السلطة والحكم في شمال اليمن ظلت مفتوحة بعد ذلك على مصراعيه بالنسبة لمستقبل الأجيال على سؤال السلالة السياسية أو القبيلة السياسية ؟؟؟ .
يتبع……