المواطن / نيوز يمن
كشف المسؤول التنفيذي للجنة متابعة المخفيين قسراً بتعز، أحمد طه المعبقي، عن رصد 70 مخفياً قسرياً في المناطق الخاضعة للشرعية، موضحاً أن هذه ليست ليست إحصائية نهاية فعدد المخفيين أكبر من هذا بكثير.
وأكد المعبقي، في حوار مع “نيوزيمن”، وجود أكثر من 16 سجناً خارجاً عن القانون في هذه المدن.
وقال: انه جرى رصد حالة لأحد المخفيين تم الإفراج عنه بعد بتر أذرعه لينزح بعد الإفراج عنه خارج تعز، وأن مخفياً آخرَ أصيب بفشل كلوي وتم الإفراج عنه بوساطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وأكد المعبقي أن أيوب الصالحي مخفي لدى جماعة مسلحة لها صِلة بإدارة سجن النهضة، مشيراً إلى أن لجنة المخفيين تواجه صعوبة في عملها بسبب الخوف المسيطر على أسر المخفيين، نظراً للإرهاب الذي يُمارَس عليها من سلطة الأمر الواقع.
و تحدث المعبقي عن الوضع الصحي الكارثي الذي يعاني منه المخفيون قسراً داخل السجون الخارجة عن القانون.
وإليكم نص الحوار طبقا لموقع نيوز يمن:
- لو نبدأ بالحديث عن لجنة متابعة المخفيين قسراً بتعز.. متى تأسست؟ وما هي الدوافع لإنشائها؟
** لجنة متابعة المخفيين قسراً تأسست في سبتمبر 2017، أما الدوافع لإنشائها فبعد توسع رقعة الاختطاف والإخفاء القسري في ظل صمت الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني عن جريمة الاختفاء القسري، كان من اللازم إيجاد كيان مجتمعي يدين هذه الجريمة، ومن هنا بدأت فكرة تشكيل لجنة مجتمعية في سبتمبر 2017 عُرفت هذه اللجنة باسم “لجنة متابعة المخفيين قسراً بتعز”. وتشكلت هذه اللجنة من أسر المخفيين وأصدقائهم، بالإضافة إلى ناشطين حقوقيين وشخصيات اجتماعية.
- هل لديكم في اللجنة إحصائيات بعدد المخفيين قسراً بتعز، وكذا بعدد السجون؟
** من تعرضوا للإخفاء القسري وتم رصدهم 70 مخفياً في المناطق الخاضعة للشرعية، وهذه ليست إحصائية نهائية، فعدد المخفيين أكثر من هذا بكثير، فليس كل من هم في سجون خارجة عن القانون موثقة أسماؤهم لدينا.
أما بخصوص المعتقلين والمخفيين في مناطق المليشيات الانقلابية 46 شخصاً هم الذين حصلنا على أسمائهم، لكن بياناتهم غير متوافرة لدينا، ومعظمهم معتقلون.
بخصوص السجون هناك ما يقرب من 16 سجناً خارجاً عن القانون، لكن هذه السجون متنقلة، عندما يغلق سجن يفتح سجن آخر.. على سبيل المثل عندما كنا نسمع في عام 2018 عن إغلاق سجن في مدرسة تعليمية في حينه لم نكن نسمع بإطلاق سراح مخفيين أو حتى معتقلين أو أسرى حرب، ولم نعرف إلى أين يتم نقل النزلاء في هذه السجون التي تم الإعلان عن إغلاقها.
- هل لنا أن نعرف من هي الأطراف التي تمارس جريمة الإخفاء القسري؟ ومنذ متى بدأت هذه الجريمة بالانتشار داخل تعز؟
** الأطراف التي تمارس جريمة الإخفاء القسري هي جماعات مسلحة محسوبة على حزب سياسي، بالإضافة إلى جماعات سلفية محسوبة على أحد الألوية العسكرية، وكذلك جهات رسمية ممثلة بمحور تعز وألويته العسكرية والأجهزة الاستخباراتية.
وجريمة الإخفاء القسري بدأت في عام 2015 وأكثر الأعوام التي شهدت جريمة الإخفاء القسري على المدنيين هو عام 2016، بينما المخفيون في عام 2018 و2019 معظمهم تعرضوا للإخفاء القسري نتيجة الصراع القائم بين فصائل الجيش.
- ما أسباب ودوافع الإخفاء القسري الذي تمارسه بعض الأطراف ضد الناشطين بتعز؟
** دوافع الإخفاء هي دوافع سياسية وكذلك دوافع دينية، فقد تعرض عناصر الحركة الصوفية لاعتقالات وإخفاء قسري ونزوح قسري بسبب طقوسهم الدينية وتعرضت المزارات الصوفية لتفجيرات على سبيل المثال قبة عبدالهادي السودي وقبة الطفيل وقبة الجنيد وأضرحة صوفية أخرى.
- هل لديكم شهادات من بعض المخفيين الذين تم الإفراج عنهم؟
** أتحفظ عن الإجابة على هذا السؤال.
- ما مدى صحة الأخبار التي تتحدث أن هناك حالات كثيرة تم الإفراج عنها وخرجت من السجون وأذرعها مبتورة؟
** هناك حالة واحدة فقط تم رصدها من هذا النوع، ولكن لم نستطع مقابلتها، كونها نزحت خارج تعز، بحسب ما أفاد به أحد المقربين من الضحية، كذلك هناك حالة أخرى أصيبت بفشل كلوي وتم إطلاق سراحها بواسطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وبحسب المصدر الذي حصلنا منه على بعض المعلومات فإن السجون الخارجة عن القانون والسجون الخاصة بأسرى الحرب أوضاعهم الصحية سيئة جداً، لانعدام الرعاية الصحية، ومعظم نزلاء السجون مصابون بالكلى بسبب المياه الملوثة “المالحة” التي يشربونها، كذلك هناك حالات من نزلاء السجون أصيبت بأمراض جلدية، لذا نستطيع القول بأن هناك موتاً بطيئاً يتعرض له نزلاء السجون الخارجة عن القانون.
- ما الذي أنجزته لجنة متابعة المخفيين قسراً في عملها حتى الآن؟
** فيما يخص الجهود التي تبذلها لجنة المخفيين فهي تسير في مسارين: المسار الأول، هو توجيه خطاب لصناع القرار داخل السلطة الشرعية، وأيضاً توجيه خطاب للجهات الحقوقية المحلية والدولية. أما المسار الثاني فهو القيام بتنفيذ وقفات احتجاجية للضغط على صناع القرار عندما لا نجد تجاوباً من السلطات، ومن الخطابات والبلاغات التي وجهت لصناع القرار منها لمحافظي تعز السابقين، ومدير شرطة تعز، ولرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، كما وجهت بلاغاً لوزارة حقوق الإنسان التى أحالت الموضوع إلى النائب العام، والنائب العام وجه مذكرة رقم.2019.13 بتاريخ 9 يناير 2019 إلى نيابة استئناف تعز، وقد أفاد رئيس نيابة تعز بأن هذه السجون لا تتبعه وليس له سلطة عليها، وأفاد بأن هناك سجنا واحدا فقط يحمل صفة قانونية هو السجن المركزي ”الإصلاحية المركزية”، كما قام رئيس نيابة تعز بإبلاغ السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والاستخبارات والقيادة العسكرية ذات الصلة والمعنيين بالسجون بخصوص مذكرة النائب العام، وأثناء تعيين المحافظ الحالي نبيل شمسان تفاعل المحافظ مع ملف المخفيين وعقد لقاءً بتاريخ 5 يونيو 2019 مع لجنة المخفيين قسراً وبحضور السلطة القضائية والأجهزة الأمنية والاستخبارات العسكرية وخرج الاجتماع بنتائج أهما:
أولاً: على الأجهزة الأمنية الكشف عن مصير المخفيين خلال مدة زمنية مدتها شهر.
ثانياً: إلغاء تعدد السجون وإيجاد سجن واحد فقط يخضع للسلطة المحلية والسلطة القضائية.
ولكن للأسف غادر المحافظ نبيل شمسان مدينة تعز بعد الاجتماع بأيام معدودة، ويبدو بأن مغادرته كانت مغادرة قسرية كما يبدو لي، وظل فترة طويلة خارج تعز، والجهات الأمنية والاستخباراتية المعنية لم تعمل بنتائج الاجتماع وجمدت التوصيات التي خرج بها الاجتماع، وبعد عودة المحافظ نبيل شمسان مرة أخرى لممارسة مهامه، أعطى ملف المخفيين قسراً اهتماماً خاصاً، وكلف وكيل المحافظة محمد عبدالعزيز ومدير حقوق الإنسان علي سرحان للجلوس مع لجنة المخفيين وأخذ قاعدة بيانات عن المخفيين قسراً داخل المدينة، لكي يتم تحرير رسائل للجهات العسكرية والأمنية للكشف عن مصير المخفيين، وما زلنا منتظرين مدى تجاوب السلطات الأمنية والعسكرية لخطوات المحافظ في تطبيع الحياة المدنية وإغلاق السجون الخارجة عن القانون وإطلاق سراح المخفيين والمعتقلين تعسفاً.
- ما أبرز الصعوبات والتحديات التي تواجهونها في عمل اللجنة؟
** من الصعوبات التي واجهتها وتواجهها اللجنة هو الخوف المسيطر على أسر المخفيين نظراً للإرهارب الذي يُمارَس عليهم من قِبل سلطة الأمر الواقع، لذا بدأت لجنة المخفيين ترفع صوتها وتندد بالاختطافات والإخفاء القسري والسجون السرية، واقتصر التنديد بإشارة إلى مخفيين لهم نشاطات سياسية ومدنية وهما أيوب الصالحي وأكرم حميد، بينما بقية أسر المخفيين ظلت متخوفة من إثارة قضايا أبنائها المخفيين إعلامياً؛ نتيجة التهديدات التي تتلقاها من قبل الجهات المعنية بإنشاء سجون خارجة عن القانون، وهناك كثير من الأسر لا تتجرأ حتى على البلاغ بأن لديها مخفياً وتنتظر انتهاء الحرب وسيادة الأمن والاستقرار في البلاد، وهناك أسر نزحت من المدينة لمجرد أن أحد أفراد الأسرة تعرض لاختطاف وإخفاء قسري، ونزوحها من المدينة خوفاً بأن يكون مصير بقية الأسرة نفس المصير.
كل هذه الصعوبات جعلت أرقام المخفيين في تعز غير دقيقة، ولا توجد حتى الآن أرقام حقيقية عن المخفيين في تعز.
عموماً في 2019 بالتحديد بدأت بعض الأسر تتشجع في طرح قضايا أبنائها المخفيين وتقديم بلاغات للجهات المعنية بحقوق الإنسان، وقد توصلت لجنة المخفيين قسراً بجهودها المتواضعة، حيث اقتصرت نشاطاتها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الشرعية ورصدت 70 حالة إخفاء.
ومن الصعوبات التي تواجه لجنة المخفيين عدم وجود سلطة واضحة، ووجود سلطة ظل خفية بيدها كل زمام الأمور يصعب التخاطب معها.
- أنت كموكل عن أسرة المخفي قسرياً أيوب الصالحي.. متى ومن أي مكان تم اختطافه؟ ومتى فُقد التواصل معه؟
** مساء الأحد 12 يونيو 2016 والذي يصادف 6 رمضان كان أيوب كعادته يقف بسيارته ”دباب صغير نوع كيا موديل 2000، أزرق اللون، فتش، يحمل لوحة رقم 27251” أمام أحد المحلات التجارية في انتظار أي زبون يطلب توصيله، حيث يتخذ من ذلك المكان موقفاً دائماً للعمل على سيارته، ويقع في حارة القرشي المتفرعة عن شارع جمال وسط مدينة تعز، وهو مكان يتجمع فيه عدد من تجار الجملة، ويشتري منه الناس أشياء تكون فوق قدرتهم على حملها فيضطرون للاستعانة بهذا النوع من السيارات التي كان أيوب يمتلك إحداها ويعمل عليها في أوقات فراغه وأثناء الإجازات، في ذلك اليوم ما بين الساعة الرابعة والخامسة مساءً قبيل أذان المغرب بوقت قصير قدم رجل مدني ومعه بعض الأشياء وطلب من أيوب توصيله إلى شارع المغتربين الواقع شمال مدينة تعز، وهو مكان يقع تحت سيطرة جماعة مسلحة محسوبة على حزب سياسي، وفي ذلك الحين لم يكن هناك جيش رسمي.
عموماً ترك أيوب أغراضه في البقالة التي كان يقف أمامها، وأخبرهم بأنه سيقوم بإيصال الزبون إلى شارع المغتربين وسيعود للإفطار معهم لكنه ذهب ولم يعد منذ تلك اللحظة، وبعدها بأسابيع ظلت أسرة أيوب وأصدقاؤه يبحثون عنه، وظلت سيارة أيوب تتجول مع جماعة مسلحة تتردد على سجن النهضة، وهذا ما يؤكد بأن أيوب مع جماعة مسلحة لها صلة بإدارة سجن النهضة.
وبعد شهر من إخفاء أيوب الصالحي كشف قيادي في المقاومة لأسرة أيوب عن وجود اسم أيوب ضمن كشوف نزلاء سجن النهضة وزودهم بمعلومات تؤكد مدى صحة كلامه.
- ما أبرز المعلومات المتوافرة عن أيوب حالياً؟ وما التحركات التي تمت بخصوصه حتى الآن؟ لدينا معلومات دقيقة عن أيوب، وكلما اكتشفنا مكان معتقله نتفاجأ بنقله إلى معتقل آخر، وسبق وأن تطمنا على صحته، ولدينا أيضاً إقرارات واعترافات من قبل أشخاص محسوبين على الجهة التي قامت بالاختطاف والإخفاء القسري، وعموماً لا نستطيع الخوض في التفاصيل لأسباب عدة.
أما بخصوص التحركات التي تمت بخصوص أيوب، فقد تم إبلاغ كل الجهات المعنية من سلطة محلية وعسكرية ووزارة حقوق الإنسان ورئيس الوزراء السابق ورئيس الجمهورية ومنظمات محلية ومنظمات عالمية، وهناك أيضًا توجهيات من النائب العام لرئيس استئناف نيابة تعز بالكشف عن مصير أيوب وإطلاق سراحه ضمن كشف يتضمن 34 حالة إخفاء.
رغم هذا لا تزال سلطات تعز متجاهلة، فتعز كما قلت لك تدار من قبل سلطة خفية ”قيادة سلطة الظل” وهم عبارة عن شخصيات نافذة تقلدوا مناصب عسكرية رفيعة ويفتقدون أبسط القيم الإنسانية ضاربين بالقانون والأعراف الإنسانية الأصيلة عرض الحائط.
- كلمة أخيرة تحب أن تختتم بها هذا الحوار؟ أحب عبركم أن أدعو المقرر الخاص للمخفيين قسراً التابع للأمم المتحدة لزيارة مدينة تعز والاطلاع على معاناة أسر المخفيين، كما أدعو فريق الخبراء الدوليين لزيارة تعز والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان.