المواطن / حاوره _صلاح سيف
– معركتنا ضد مليشيات الحوثي ستكسب اليمن مناعة ضد ثقافة الإقصاء والعنف واحتكار السلطة والثروة
– التصدي لمليشيات الحوثي وفكرها الطائفي يتجاوز العمل السياسي والعسكري إلى الثقافي والاجتماعي
– لا يمكن الخروج من هذه الأوضاع دون دور الثقافة وقيمها وإبداعات المثقفين
– نقوم بنشر الثقافة الوطنية الحاملة لقيم الحرية والكرامة والعدل والتصدي للأفكار الحوثية المتخلفة
– تنفيذ الخطط والمشاريع مرتبط بتوفر الامكانيات ومشروع المائة كتاب لم يتم إقرار ميزانيته
– استكملنا المسح الاثري في عدن ولدينا برنامج مع اليونيسكو للحفاظ علي أربع مواقع رئيسية
– استعدنا عشرات القطع الآثرية التي جرى تهريبها للخارج ونتابع أثار مهمة موجودة مع السلطات الفرنسية
– إدراج الدان الحضرمي في قائمة التراث الانساني لدى اليونسكو وسيقدم في شهر إبريل القادم
– في شبوة نشاط ثقافي غير مسبوق ويعود ذلك إلي وجود رغبة محلية في إقامة نشاط ثقافي
– النشاط الثقافي في الجوف أفضل ومأرب تحتاج إلي بعض القرارات والترتيبات الإدارية
لعب المثقف اليمني دوراً كبيراً في تاريخ الحركة الوطنية شمالاً وجنوباً ضد حكم الأئمة والاستعمار البريطاني.. وهو اليوم يقاوم الجائحة الحوثية بوسائل عدة، بعد أن عبثت بمؤسسات البلد ونهبت آثاره وشوهت تاريخه وتراثه وهويته الوطنية. الأستاذ/ مروان دماج وزير الثقافة في حوار خاص لـ«26 سبتمبر» تحدث حول جملة من هذه القضايا المتعلقة بالواقع الثقافي الذي تعيشه بلادنا، إلى جانب قضايا عديدة تعنى بالشأن الوطني والثقافي ودور الثقافة والمثقفين في التصدي للمليشيا الحوثية المتمردة وأفكارها الظلامية المتخلفة وانتهاكاتها المستمرة في تجريف التاريخ اليمني وطمس الهوية الوطنية.. فإلى تفاصيل الحوار
• بداية ممكن تحدثنا عن جهود الوزارة في مواجهة الفكر الإمامي الكهنوتي وتعزيز الهوية اليمنية والنظام الجمهوري؟
الوزارة جزء من المجهود الحكومي في مواجهة الحركة الحوثية السلالية والرجعية الطائفية وفكرها الإمامي المتخلف، وفي عملنا نركز على القيم الجمهورية والديمقراطية المعبرة عن الوطنية اليمنية القائمة على المواطنة والقيم الوطنية الانسانية، وفي النشاط المسرحي أو الفني نعبر عن تلك القيم وإن كان العمل الثقافي محدوداً كما تعرف، نظراً لطبيعة الأوضاع وتراجع الاهتمامات الثقافية بالنسبة لأولويات الحكومة والقوى السياسية وهي أولويات وترتيب غير صحيح من وجهة نظرنا، فالصراع مع مليشيا الحوثي المتمردة هو صراع قيمي وثقافي وأخلاقي، وليس فقط صراع سياسي وعسكري، كانت الأولوية في ظروفنا التي بدأنا فيها العمل، هي قيام الوزارة بتفعيل القطاعات التي نراها مهمة ولم نستطع في ظرفنا ذاك القيام بكل المهام، لكن كان علينا الاختيار، والتواجد الدائم في العاصمة المؤقتة وكنا نسعى إلى تحقيق عودة نهائية للعمل الحكومي في عدن ونحاول أن ننجح، لذلك أعدنا تأسيس صندوق التراث واستطعنا أن نقدم دعماً ثابتاً ومستمراً شهرياً لقرابة 700 أديب ومثقف وفنان وموسيقي في مختلف المحافظات جزء منهم في المحافظات والمناطق التي تقع تحت سيطرة مليشيا الحوثي المتمردة، لأن هذا الوسط يحتاج رعاية في كل الأوقات وفي الظرف الحالي لها الأولوية رغم محدودية الإمكانيات، وكان تعزيز الهوية الوطنية هدف في كل مسعى ونشاط قمنا به مدركين أن الصراع مع المشروع الحوثي الإمامي الرجعي هو صراع حول الهوية الوطنية وفي المهرجان الوطني للمسرح شاركت عشر فرق من كل المحافظات، فالثقافة والعمل الثقافي متجاوز وقادر على تجاوز ما سببته الجائحة الحوثية على المستوى الوطني والشعبي.
التصدي للفكر الحوثي
• ماذا عن دور وزارة الثقافة في مواجهة خطر قيام مليشيا الحوثي في نشر الأفكار والمعتقدات الدخيلة وتفخيخ عقول الأجيال بالتعبئة بفكرها الإمامي فرض الشعارات والحسينيات الإيرانية؟
الخطر الحوثي خطر شامل واستراتيجيته الأساسية هي العمل على تقسيم المجتمع وفرزه سلالياً وطائفياً ومناطقياً.. وعدته الأهم في ذلك هو الترويج للأفكار الطائفية والسلالية وترويج الخرافات والخزعبلات والفكر والثقافة الإمامية المتخلفة والمعادية للشعب ومصالحه، إضافة إلى ذلك يقوم بترويج للدعاية الإيرانية الطائفية والفارسية المعادية للعرب وللإسلام والتي تتوهم امكانية كسر العرب والتحكم بهم، وبالتالي فالتصدي للحركة الحوثية وفكرها الطائفي يتجاوز العمل السياسي والعسكري إلى الثقافي والاجتماعي وهو عمل من مسؤولية كل المجتمع والتكوينات السياسية والاجتماعية والثقافية. ونحن على وعي شديد بذلك في وزارة الثقافة، وهمنا الأساسي إعادة إحياء وتفعيل المؤسسات الثقافية الوطنية باعتبار أن العمل الثقافي الحكومي هو أولاً وأساساً توفير المؤسسات الثقافية التي تمكن عموم المواطنين من ممارسة حقوقهم الثقافية والإسهام في انتاج الثقافة والمحافظة على التراث الثقافي الوطني. واعتبار أن العمل الثقافي المقاوم الحقيقي هو العمل الثقافي الجدي الذي يمتلك شروطه الفنية لا العمل الدعائي العابر والمؤقت والمناسباتي، ونحن من خلال ذلك نقوم بنشر الثقافة الوطنية الديمقراطية الحاملة لقيم الحرية والكرامة والعدل والمساواة، إضافة إلى التصدي للدعايات والأفكار الحوثية المتخلفة والرجعية.. وتبقى هذه المسألة مسؤولية الجميع في الحكومة والمجتمع والقوى الوطنية.
• ما هي الخطوات التي أتخذتها الحكومة وزارة الثقافة في مواجهة قيام الحوثيين بتفخيخ المناهج المدرسية؟
كل الخطوات التي تتخذها الحركة الحوثية المتمردة فاقدة للشرعية وفاقدة للمسؤولية وهي جزء من مشروعها الظلامي المتخلف، وبصراحة دون القضاء على هذه الحركة واستعادة العاصمة صنعاء وكل الأراضي اليمنية من قبضة هذه الحركة العنصرية فإنها ستظل تمارس دورها التخريبي والرجعي طالما الناس تحت قبضتها وإرهابها، الحكومة تتخذ الكثير من الإجراءات لمواجهة ذلك والتمسك بالمنهج الوطني والعلمي، لكن مهما كانت هذه الخطوات والإجراءات فأن تأثيرها سيبقى محدوداً بدون إسقاط الانقلاب الحوثي وتحرير الناس من إرهابها.
المثقف ومقاومة التطرف
• هل دفعت أولويات الحرب المثقف إلى هامش ضيق؟ وما نتائج ذلك من تسيد الجماعات المتطرفة؟
للأسف الشديد فأن أوضاع المثقف والثقافة في بلدنا لم تكن بالشكل المأمول حتى قبل الحرب، بل كانت الثقافة قد تحولت إلى مجرد طقس دعائي في المناسبات وحرم أغلب المثقفين من حقوقهم المادية والمعنوية، إضافة إلى فرص الإنتاج الثقافي والفني وفرص تطوير الذات، الآن زاد الوضع سوءاً، ومن المحزن أن تكون موارد الحكومة عاجزة عن تقديم الرعاية المطلوبة للمثقفين ولو بالحد الأدنى.. لكن هذه ظروفنا ولابد من أن نحاول تقديم الممكن وأن نجتهد في تحسينه، المثقف اليمني لعب دوراً فريداً في تاريخ الحركة الوطنية اليمنية وهو اليوم يقاوم الجائحة الحوثية مع ابناء شعبه، ولا شك أن ظروف الحرب وحتى قبلها من سيادة التيارات الرجعية والمتطرفة المعادية للثقافة والحرية، لا شك أن هذه الظروف تلقي بعبئها على كاهل المثقف، وما من سبيل سوى مقاومتها كل من موقعه حتى ننجح جميعاً في تأسيس وطن للحرية والإبداع والكرامة الإنسانية.
• لماذا في زمن الحرب تكون مساحة تواجد الثقافة عرضة للهجوم والتآكل باستمرار؟
في زمن الحرب تكون الغلبة لقعقعة السلاح وصراخ العصبيات والغرائز لذلك من الطبيعي أن تتراجع الثقافة والمثقفون للخلف، لكن بالمقابل لا يمكن الخروج من هذه الأوضاع دون دور للثقافة وقيمها والمثقفين وإبداعهم كما حدث مراراً في تاريخ اليمن القديم والحديث.
• هل نحتاج إلى إعادة بناء مدننا اليمنية على أسس جديدة كفضاء إنساني وحوار وعيش مشترك؟
هذا السؤال يحتوي على إشارة لطموح إنساني وقيمي مرغوب، بالتأكيد نحن بحاجة إلى إعادة بناء ثقافي وقيمي وإنساني، ومعركتنا اليوم ضد الحركة الحوثية المتخلفة والرجعية لعلها تكون المصهر الذي تخرج فيه اليمن وقد اكتسبت مناعة ضد ثقافة الإقصاء والتعالي والعنف واحتكار السلطة والثروة والمعرفة وتأسيس المشترك الإنساني والوطني على قيم الحرية والكرامة والمساواة والحوار والقبول بالاختلاف والتنوع.
• هل لدى الحكومة ممثلة بوزارة الثقافة خطة لطباعة الكتب والمطبوعات التي تعزز المبادئ والثوابت الوطنية.. وتؤرخ وتوثق لمراحل صراع اليمنيين مع الإمامة وسير القادة والأبطال الثوريين وحملة المشروع الوطني؟
الخطط والمشاريع موجودة لكنها مرتبطة بتوفر الامكانيات، فحتى مشروع المائة كتاب الذي بدأنا فيه من ثلاث سنوات لم تتم إقرار ميزانيته حتى الآن، لكننا نعمل بالممكن والمتاح بالتأكيد.
حماية الآثار واستعادتها
• ما هي وظيفتكم الحمائية كوزارة ثقافة للآثار والبنى الثقافية والتاريخية اليمنية؟
نحن في الوزارة نعطي أهمية بالغة للآثار والمحافظة عليها من النهب والتخريب، وكانت لقضية الآثار أولوية خصوصا مع الضرر البالغ الذي طال عديد المتاحف والمواقع الأثرية في الحرب خصوصاً اعتداءات مليشيا الحوثي والجماعات الإرهابية وحتى لصوص وتجار الآثار، في البداية سعينا إلى إنقاذ ما نستطيع من آثار متحف تعز الذي تعرض للقصف والتدمير ونقلنا أغلب موجودات المتحف إلى خزائن البنك الأهلي في تعز الذي نقدر تعاونه معنا وكان هذا جهداً كبيراً من فريق العمل بإمكانيات زهيدة جداً، وملف الآثار ملف ضخم ومعقد، والبحث الأثري في اليمن ما زال في خطواته الأولى، وللأسف فإن الكثير مما كان يمكن عمله حتى قبل تفجير مليشيا الحوثي للحرب في بلادنا لم يعمل في سبيل المحافظة على الآثار ومنع نهبها، وعملنا على نقل الهيئة العامة للآثار إلى عدن، وحافظنا على صلاتنا بكل الزملاء في صنعاء والمحافظات الأخرى التي تقع تحت سيطرة مليشيا الحوثي والشغل معهم للمحافظة على المتاحف والآثار. كما سعينا إلى المصادقة على بعض الاتفاقيات الدولية المعنية بمنع المتاجرة بالآثار، اتفاقية اليونيسكو للعام 1970م الخاصة بحماية الآثار والتراث الثقافي، وضعنا نقطتين كأولوية إلى جانب الجهد في تعزيز قدرات هيئة الآثار وهي أولاً: إيجاد مشروع للحفاظ على الآثار في متاحفنا، وهذا البرنامج نتشارك فيه مع عدد من المعاهد والمنظمات في الولايات المتحدة الامريكية، تم الاتفاق عليه وسيبدأ تنفيذه في شهر مايو من هذا العام. النقطة الثانية: إعداد فريق مختص لتتبع الآثار اليمنية بالخارج ولم يكن لدينا هذا الفريق، وقد بدأنا التدريب لهذا الفريق بالتعاون مع اليونيسكو ومنظمات ايطالية وسعينا لعقد العديد من التفاهمات مع البلدان الرائدة في العمل الأثري والأسواق الرئيسية للآثار كالولايات المتحدة الامريكية باعتبارها أكبر سوق للآثار في العالم لمنع المتاجرة بالآثار اليمنية وحمايتها، وقد قطعت الوزارة والهيئة العامة للآثار شوطاً كبيراً في توثيق الآثار والمخطوطات اليمنية، كما تمكنا من استعادة عشرات القطع من الآثار التي جرى محاولة تهريبها للخارج بالتعاون مع البلدان الشقيقة والصديقة مثل الأخوة في جمهورية مصر العربية وسلطنة عمان وسويسرا، كما نتتبع آثار مهمة جداً مع السلطات الفرنسية، هذا الجهد بالتعاون مع وزارة الخارجية وسفارتنا في الولايات المتحدة الامريكية، كذلك استكملنا المسح الأثري في مدينة عدن، وبدأنا بالتعاون مع اليونيسكو برنامج الحفاظ على أربع مواقع رئيسية.
• هل لديكم إحصائية للآثار والمخطوطات اليمنية المهربة للخارج وخطة عملية لاستعادتها؟
لا نستطيع أن نقدر عدد الآثار التي تخرج من البلد، ولكن نحن نتابع قضايا الآثار في الولايات المتحدة الأمريكية وفي فرنسا لدينا قضية ونتابع أثار مهمة موجودة مع السلطات الفرنسية. الاستراتيجية التي نتبعها قائمة على شقين.. أولاً: تتعلق بالحفاظ على الآثار الموجودة في متاحفنا، الآثار التي بين أيدينا كيف نحافظ عليها ونمنعها من التسرب، وهذا برنامج اتفقنا مع عدد من المعاهد الأمريكية ومراكز الأبحاث على هذا البرنامج وسيبدأ في منتصف هذا العام، سوف نبدأ ننفذ هذا البرنامج مع عدد من المعاهد المتخصصة في الولايات المتحدة الامريكية والهدف هو الحفاظ على الآثار في المتاحف اليمنية. الإجراء الآخر الذي اعتمدناه هو أن يكون لدينا فريق يتتبع الآثار اليمنية في الخارج، في المتاحف وفي المزادات ويتم تدريب هذا الفريق على تتبع الآثار اليمنية في الخارج وسبل استعادتها، وهذا الفريق الآن يتم تشكيله بالتعاون مع «اليونسكو» ومعهد «كينتبمري» في إيطاليا ويضم خبراء من الانتربول، وبدأ هذا البرنامج وعقدنا أول لقاء في جيبوتي، وسيتم خلال هذه الفترة استكمال عملية تدريب هذا الفريق وهو يضم متخصصين من جميع المحافظات اليمنية، والسبب الأساسي أنه ليس لدينا فريق لتتبع الآثار اليمنية في الخارج، ولهذا كنا بحاجة إلى إنشاء هذا الفريق، هذه خطوتان رئيسيتان نحن اعتمدناها كآليات للعمل للحفاظ على الآثار اليمنية وسبل استعادتها، يجب أن نبني الهيئة العامة للآثار، وأن تكون قادرة على ممارسة عملها وعلى استعادة الآثار اليمنية في الخارج، والحفاظ على الآثار والتحف الموجودة في متاحفنا حالياً. والبرنامج يشمل كل محافظات الجمهورية اليمنية سواءً المحافظات المحررة أو المحافظات التي لازالت تحت سيطرة المليشيا الحوثية.
منع الاتجار بالآثار اليمنية
الذي كان علينا أن نقوم به هو أن نصل إلى اتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية لمنع الاتجار أو نقل أو تداول الآثار اليمنية في الولايات المتحدة الامريكية لأنها أكبر سوق للتحف والآثار في العالم، وبدون شك هناك آثار يمنية وصلت إلى السوق الأمريكية، ونحن قطعنا شوطاً في التفاوض مع الجانب الامريكي، وإن شاء الله نصل إلى نتيجة سريعة، وهناك اهتمام كبير من الجانب الامريكي، ونحن تناقشنا معهم ومع أعلى المستويات في الجانب الأمريكي ومع المختصين ومع جميع الجهات سواءً الأمنية أو وزارة الخزانة أو وزارة العدل أو مساعد وزير الخارجية الامريكية للشؤون الثقافية، هذا نقاش واسع الآن يدور في الولايات المتحدة ونريد أن نصل إلى إصدار قرار من وزارة الخزانة بمنع تداول ونقل واستيراد أو بيع أي اثار خاصة باليمن.
• أثار ناشطون في مجال التراث الثقافي انتقادات واسعة تتعلق باتفاقية حماية وصون الآثار التي أبرمتها الحكومة مع منظمة اليونسكو، وحجتهم في ذلك عدم شمول الاتفاقية لحماية الآثار المنتقلة كهدايا.. ما تعليقك؟
الحقيقة كان من الضروري توقيع هذه الاتفاقية، وسبق توقيع هذه الاتفاقية التوقيع على عدد من الملاحق الخاصة بهذه الاتفاقية، من ضمنها اتفاقية العام 1995م، وهذه الاتفاقية كأي اتفاقية دولية هي أيضاً تفرض تحديات على الدول الموقعة عليها فيما يتعلق بتوفير البيانات وبأشياء كثيرة جداً، ونحن جزء من هذه الدول التي لديها آثار والتي لا يمكن أن نناقش أو نستعيد هذه الآثار إلا عبر توقيع الاتفاقيات الدولية لأنه لا يوجد حل آخر إلا إجراء مباحثات ثنائية بين الدول وهذه مسألة معقدة، الأمر الآخر رغم الملاحظات القائمة على الاتفاقية إلا أن كل الدول التي لديها آثار والتي أقيمت على أرضها حضارات قديمة مثل العراق واليونان ومصر والصين، كل هذه الدول وقعت على هذه الاتفاقية رغم الملاحظات التي تثار عليها، وهناك نقاش واسع في المجتمع الدولي حول موضوع الآثار، وهناك تطور في الاتفاقيات، وهناك ملاحق قامت بتحسين شروط الاتفاقيات، وكل اتفاقية دولية هي تفرض التزامات، وكل اتفاقية دولية هي نتيجة نقاش وتفاوض المجتمع الدولي حول شروط إدارة هذا الملف. نحن لن نستطيع أن نغير القواعد الدولية إلا بالعمل مع الجهات والدول ذات المصلحة لتحقيق مصالحنا، فالتوقيع كان أمراً أساسياً، وخلال العقود الماضية من 1970م لم تستعاد قطعة أثرية يمنية واحدة، ونحن خلال الفترة الماضية استعدنا عدداً كبيراً من القطع، استعدنا عشرات القطع من سلطنة عمان. المسألة تتعلق بأن نكون جاهزين ولدينا مؤسسات قوية قادرة على تتبع الآثار اليمنية، والاتفاقيات الدولية ضروري أن نوقع عليها، وأن نشتغل مع المجتمع الدولي ومع كل المنظمات بما فيها منظمات اليونسكو كمنظمة أساسية، سواءً في التدريب والتأهيل أو في الحفاظ على الآثار أو في إثارة ملف الآثار اليمنية، ملف الآثار اليمنية كان يجب أن يثار، ونحن نجحنا إلى حد ما وليس بدرجة كافية، ولكننا نجحنا بإثارة هذا الملف، وأصبح الآن موضوعاً للنقاش داخل معظم الدول والمنظمات الدولية المعنية بالآثار، ويجب أن نسلك هذا الطريق لكي نستطيع أن نحصل أولاً على إمكانيات لتتبع الآثار وعلى الدعم الفني، ولكي نستطيع أن نتفاوض بشأن الآثار اليمنية في الخارج وسبل استعادتها.
مؤتمر حماية الآثار
• ما الذي عرقل تنظيم مؤتمر حماية الآثار الذي أعلنتم أنه سيقام في ديسمبر الماضي بمحافظة مأرب؟
نحن في الحقيقة كنا نعد للمؤتمر الوطني للآثار في مأرب، وتم الانتهاء من اعداد التحضيرات المتعلقة بإعداد المحاور واختيار أوراق العمل والمشاركين، وكان بعض المشاركين الدوليين أبدوا رغبتهم بالحضور والمشاركة في هذا المؤتمر، ورغم الوضع الذي تعرفونه بهذا الخصوص، ولكننا رحبنا بهم وكنا نرتب لدعوتهم، ولكن الذي منع إقامة المؤتمر في وقته هو أحداث أغسطس في محافظة عدن، لأن المؤتمر كان مقرراً أن يعقد في النصف الأخير من سبتمبر من العام الماضي، ولكن أحداث أغسطس جعلتنا نؤجل المؤتمر لأسباب كثيرة جداً، أهمها عدم قدرتنا على جمع المشاركين من جميع المحافظات في ذلك الوقت بسبب الوضع الأمني، وعدم قدرتنا على نقل المشاركين من عدن، وحصل إرباك كبير في استدعاء الخبراء والمهتمين الأجانب، كل هذه الأسباب جعلتنا نؤجل المؤتمر، ولكن نحن الآن بدأنا استئناف التحضيرات وإن شاء الله يقام المؤتمر في مارس القادم وهو مهم جداً والهدف منه تحديد رؤية ووضع استراتيجية للتعاطي مع ملف الآثار في اليمن، وسنسعى أن يضم هذا المؤتمر أكبر قدر ممكن من المهتمين والمختصين والباحثين في هذا الموضوع من اليمنيين، وأيضاً إذا سمحت الظروف أن يكون هناك مشاركة خارجية من المنظمات الدولية. واخترنا مأرب لأنها تحمل رمزية كبيرة جداً بتاريخ اليمن القديم، ولأن مأرب تضم أشهر المعالم التاريخية في اليمن، ولأن مأرب تعرضت لعمليات تهريب واسعة جداً، ومازال الأمر قائماً حتى الآن، ويجب أن نعترف بهذه الحقيقة.
• لا يزال معبد نكرح ومعبد أوام في أماكن مفتوحة لا توفر لهما الحماية الكاملة الأمر الذي يعرضها للعبث؟ تنسيقكم مع المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان، هل كان بخصوص ذلك؟
الحفاظ على المواقع الأثرية يحتاج إلي تعاون كبير جداً وبالذات من السلطات لمحلية، نحن بحاجة إلى أن نناقش بشكل خاص وضع المواقع الأثرية المهمة في مأرب والجوف مع السلطات المحلية في هذه المحافظات، وأنا أفضل أن يبقى النقاش ثنائي بين وزارة الثقافة وهذه السلطات المحلية للوصول إلى وضع آلية لحماية هذه المواقع، نحن لدينا تقارير وطلبنا تقارير وخلال الفترة الماضية وصلتنا تقارير واضحة حول هذه المواقع وبالذات من الجوف، وهناك جهود في مسألة أن يكون لدينا تقييم واقعي لوضع المواقع الاثرية، وحالتها، وما تعرضت له، والأخطار القائمة فيها، نحن الآن نجمع هذه التقارير، وكلفنا ناساً مختصين يقومون بها، وصلتنا جزءاً كبيراً من هذه التقارير حول كل هذه المواقع، ونجمع هذه البيانات والمعلومات لنصل إلى تقييم واقعي وسنناقشه مع السلطات المحلية وسنزودها بهذه التقارير، وبشكل واضح هذه التقارير لا تشمل مأرب والجوف فقط، وإنما تشمل بعض المحافظات الأخرى.
• أسهمت الوزارة في إنعاش الحراك الثقافي في محافظات عدن وحضرموت وتعز، بينما يختفي نشاطها في محافظات مأرب والجوف على الرغم من أحقيتها بمشاريع التراث الثقافي كونها الأغنى بالمواقع والأعيان والمقتنيات الأثرية وبالموروث الثقافي لماذا؟
النشاط الثقافي تركز إلى جانب محافظة عدن في محافظة تعز وفي حضرموت وشبوة، ففي شبوة هناك نشاط ثقافي ممتاز وغير مسبوق حتى قبل الحرب، ويعود ذلك إلى وجود رغبة محلية في إقامة نشاط ثقافي، ونحن دعمنا هذه التوجهات، بالنسبة لوضع مأرب نحن بحاجة إلى بعض الترتيبات المتعلقة بتنشيط وتفعيل مكتب الثقافة وإعادة تنظيمه بشكل فعال، ونحن بصدد أن يكون في اهتمام خاص بمأرب والجوف، الجوف الآن وضعها أفضل فيما يتعلق بالنشاط الثقافي، وهناك بعض الترتيبات المتعلقة بإعادة ترتيب وضع الهيئة العامة للآثار في الجوف، مأرب تحتاج إلى جهد خاص، وترتيب فيما يتعلق بالجانب الثقافي وفي جانب الآثار، ونحتاج إلى بعض القرارات والترتيبات الإدارية، وأنا أظن أن مأرب هي الآن حاضرة من الحواضر الوطنية.
توثيق التراث اللامادي
• ماذا عن دور الوزارة في توثيق التراث اللامادي اليمني بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية (اليونسكو)؟
لدينا عدد من المشاريع، منها مشروع إدراج الدان الحضرمي في القائمة التمثيلة للتراث الإنساني البشري لدى اليونيسكو، وتقريباً الملف جاهز، وسيقدم في شهر إبريل القادم، وشارك في اعداده مجموعة من أهم المختصين بالموسيقى في اليمن، إلى جانب لجنة استشارية دولية تضم الدكتورة شهرزاد قاسم وجون لمبير وسمير ميقاتي، كما لدينا خطط خاصة باللغة السُقطرية والمهرية ناقشناها مع المختصين في اليونيسكو، وعقدنا لها ورشة مع المعنيين باللغتين من أبناء سقطرى والمهرة في القاهرة منتصف العام الماضي وغيرها من المنظمات الدولية، كما وقعنا وصادقنا على اتفاقية اليونيسكو 1970م المتعلقة بحماية الآثار، وعموماً الدور الأساس هو ما نقوم به هنا في الداخل، وهناك الكثير من النشاط لتوثيق التراث اللامادي لعل أهمه السعي لتوثيق ودراسة اللغة السُقطرية والمهرية وإنشاء المؤسسات المعنية بذلك بمساعدة الأصدقاء في الدول الأجنبية وكذا في المنظمات الدولية.