المواطن/ صحف
أعاد إعلان الجماعة الحوثية عن مقتل إبراهيم بدرالدين الحوثي شقيق زعيم الجماعة في ظروف غامضة بصنعاء، صراع الأجنحة داخل جماعة “أنصارالله” إلى الواجهة مجددا.
وذكر مصدر أمني أنه تم العثور على إبراهيم بدرالدين الحوثي ميتا في منزل بصنعاء وأن الجماعة نشرت قوات إضافية في أنحاء المدينة.
ويعد مقتل إبراهيم الحوثي أحد أهم مهندسي اجتياح صنعاء في سبتمبر 2014 وأبرز ضباط الارتباط بين الميليشيات الحوثية والحرس الثوري الإيراني نقطة تحول محورية في مسار الصراع الذي يبدو أنه تجاوز الخطوط الحمراء بعد هذه العملية التي قال بيان لوزارة الداخلية الحوثية إنها تمت من قبل “أيادي الغدر التابعة للعدوان الأميركي الإسرائيلي السعودي”.
وتابعت داخلية الحوثي في بيان لها “أنها لن تتوانى في ملاحقة وضبط أدوات العدوان الإجرامية التي نفذت جريمة اغتيال الشهيد إبراهيم الحوثي”، في مؤشر على إمكانية استخدام هذه الحادثة لتصفية قيادات أمنية بذريعة المشاركة في عملية الاغتيال.
وظهرت أعداد من السيناريوهات المختلفة حول خلفيات مقتل إبراهيم الحوثي ومن بينها احتمال أنه تعرض لضربة جوية من قبل التحالف العربي، أو أنه لقي حتفه في إحدى الجبهات المشتعلة، أو أن تكون عملية الاغتيال انتقاما من أطراف محسوبة على الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي قتله الحوثيون.
إلا أن تأكيد الحوثيين على مقتله في صنعاء التي يسيطرون عليها بقبضة حديدية، يرجح تصاعد الصراع الدموي الصامت بين أجنحة الميليشيات التي باتت تشعر بنوع من الاسترخاء إثر توقف معظم الجبهات العسكرية، والانصراف نحو جني المكاسب وتوسيع رقعة النفوذ في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وحضرت نظرية المؤامرة مع كل حادثة اغتيال تودي بحياة قائد بارز في الميليشيات الحوثية كما حدث عند مقتل القيادي البارز ورئيس الجناح الأمني في الجماعة طه المداني الذي لم يعلن الحوثيون عن مصرعه إلا بعد عام.
كما سربت مصادر حوثية معلومات عن تعرض رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد لخيانة تسببت في كشف تحركاته واستهداف موكبه من قبل طيران التحالف العربي وقتل في أبريل 2018 وتلا ذلك القيام بحملة اعتقالات واسعة في صفوف قيادات موالية للحوثيين في الحديدة.
وانعكست حالة الصراع بين أجنحة حوثية خلال الأشهر الأخيرة على حركة التعيينات التي أطاحت برئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، بعد فترة وجيزة من تولي الرجل القوي في الجماعة وعم زعيمها، عبدالكريم الحوثي لوزارة الداخلية في حكومة الانقلاب بعد أن ظل الحديث يدور منذ 2014 عن دوره القوي من خلف الكواليس.
وجاء تعيين عبدالكريم الحوثي نفسه وزيرا لداخلية الانقلاب في أعقاب إعلان حوثي دراماتيكي عن وفاة الوزير السابق عبدالحكيم الماوري في العاصمة اللبنانية بيروت في الوقت الذي لم تكشف أي تفاصيل عن طبيعة موته وطريقة نقله إلى لبنان.
وخاض عبدالكريم الحوثي صراعا مبكرا لإحكام قبضته على مفاصل الملف الأمني في الجماعة الحوثية الذي كان يتولاه الجناح الآخر الذي يتزعمه طه ويوسف المداني وأبوعلي الحاكم، وعبدالحكيم الخيواني المكنى بأبي الكرار نائب وزير الداخلية الذي تحدثت مصادر إعلامية في يونيو الماضي عن اعتقاله قهريا بناء على أوامر من وزير الداخلية المعين حديثا عبدالكريم الحوثي وتجريده من صلاحياته.
وترجح مصادر لـ”العرب” أن تكون حركة التنقلات والتعيينات الكبيرة التي شهدتها صفوف الجماعة الحوثية في أعقاب سلسلة من الاغتيالات الغامضة التي استهدفت قيادات ميدانية حوثية من الصف الثاني خلال الفترة الماضية تندرج ضمن سياسة إعادة ترتيب مراكز القوى داخل الجماعة الحوثية وإضعاف القوى والتيارات التي تدين بالولاء للجناح الموازي داخل الجماعة.
وخسر هذا الجناح العديد من أبرز قادته لصالح الجناح المهيمن الذي بات يقود الملف السياسي والعقائدي فيه عبدالملك الحوثي بينما يتولى عمه عبدالكريم الحوثي قيادة الملف الأمني بعد تعيينه وزيرا للداخلية، في الوقت الذي أسندت فيه قيادة الملف العسكري لعبدالخالق الحوثي وشقيقه إبراهيم الحوثي الذي تعرض لعملية الاغتيال الغامضة في صنعاء.
ولا تخضع التراتبية في البيت الحوثي للسن أو المكانة والخبرة، حيث يتولى الشقيق الأكبر لزعيم الجماعة، يحيى بدرالدين الحوثي ملف التعليم والحرب الثقافية بعد تعيينه وزيرا للتربية والتعليم في حكومة الانقلاب.
وتؤكد مصادر مطلعة أن العلاقة بين رموز الجناح القوي داخل الجماعة ليست مثالية كما يصورها الإعلام، مع ظهور مؤشرات على صراع مؤجل قد يطفو على السطح بعد الانتهاء من إحكام هذا الجناح سيطرته التامة على مفاصل الجماعة الحوثية أو تلاشي المخاوف من تداعيات الحرب.