المواطن نت- الصحفي/ وسام محمد
(أفكار أولية للمساهمة في بناء برنامج الاحتجاجات التي أشعلتها جريمة اغتيال افتهان المشهري)
من الملاحظ أن الاحتجاجات على خلفية اغتيال افتهان المشهري لا تزال قائمة وقابلة للتوسع، ومن الجيد أن اللجنة الأمنية تواصل عملها في البحث والقبض على المطلوبين أمنياً.
لكن الخشية كل الخشية من تشتت الجهود، ثم انتهاء الحالة الاحتجاجية القائمة دون الخروج بالنتائج المرجوة. لهذا أرى أنه علينا التفكير في الوضع القائم وفي كيفية التعامل معه. طبعاً مع الانفتاح على أي تطور في الحالة الاحتجاجية ومواكبتها. المهم والضروري الآن أن يتضح البرنامج وأن تُبدع آليات العمل المناسبة لتحقيقه. هنا أحاول تقديم مساهمة لبلورة هذا البرنامج:
أولاً: الانتصار لقضية افتهان وتحقيق العدالة
قضية الاغتيال هي القضية الرئيسية. وما تحقق حتى الآن هو مقتل المنفذ الرئيسي وضبط خمسة من المتهمين بالاشتراك في الجريمة. يتبقى إجراء التحقيقات وكشف جميع المتورطين وأن يأخذ القانون مجراه. وهذا شيء خاص بأسرة الضحية وواجبنا إسنادها.
ثانياً: المطالبة بتغييرات وإصلاحات في المؤسسة الأمنية والعسكرية والمدنية
طرحت الأحزاب السياسية (الاشتراكي والناصري) وعدد من الناشطين والفعاليات المدنية مطلب إجراء تغييرات وعمل إصلاحات مؤسسية في قيادة السلطة المحلية وقطاعي الأمن والجيش. طبعاً هذا المطلب بالتأكيد محاط بتعقيدات وحسابات سياسية عليا وأخرى محلية. لكن هذا المطلب مشروع ويمثل حجر الزاوية في حال أردنا مغادرة الوضع القائم إلى وضع أحسن. وهنا من المهم أن تتضح طبيعة التغييرات المطلوبة، والأهم: لماذا هي مطلوبة؟ مما يعني تشكيل فرق عمل تدرس هذه المطالب وتتواصل مع الشخصيات التي تمتلك رصيداً سياسياً وإدارياً والاسترشاد برؤاها. وحتى ممكن أن تُنظم ندوات وتقدم أوراق عمل، ومنها يتبلور المطلب بصيغة واضحة ومقنعة.
لكن الأهم في هذا المطلب هو أن يكون المدخل الأساسي لطرحه مرتبطاً بالقضية التي صنعت التحول، أعني بذلك أن يكون هناك تشخيص دقيق للتقصير الذي حدث وأدى لوقوع جريمة اغتيال افتهان المشهري في المستويات الثلاثة: الأمني والعسكري وفي السلطة المحلية، إلى جانب تشخيص قانوني للمسؤوليات التي جرى التقصير بها وتحديد المقصرين بالاسم، وضم ذلك إلى ملف القضية أو رفع قضية مستقلة.
ثالثاً: متابعة موضوع المطلوبين أمنياً (الدفاع عن المجتمع)
جرى خلال الأيام الماضية القبض على عدد من المطلوبين أمنياً في قضايا أخرى ووصل عددهم تقريباً إلى 25 شخصاً، وبحسب المؤتمر الصحفي لإدارة شرطة تعز أمس، هناك أكثر من 300 شخص من منتسبي الجيش ضُبطوا في جرائم وأصبحوا في السجن المركزي. في هذه النقطة، الشيء المهم هو مواصلة الضغط للقبض على بقية المطلوبين أمنياً والمتهمين في جرائم سابقة. وأحد الآليات التي أصبحت متوفرة وتحتاج فقط إلى تعزيز هي مساعدة أهالي الضحايا على الانضمام إلى الاعتصام ورفع مطالبهم.
لكن في هذا الجزء من البرنامج هناك نقطة جوهرية، وتتمثل في ضرورة وأهمية بناء آليات تساعد أهالي الضحايا على استكمال ملفات كل قضية ورفعها إلى القضاء، والحرص على المتابعة أولاً بأول. لأن كثيراً من المطلوبين أمنياً – كما تشير تجارب سابقة – يجري القبض عليهم، ثم يُطلق سراحهم، إما لأنه لا توجد قضية منظورة أمام القضاء أو لعدم كفاية الأدلة، وبعضهم يقوم بارتكاب جرائم جديدة. هنا تحديداً “يجب الدفاع عن المجتمع”: من الممكن مثلاً إنشاء هيئة قانونية من سياسيين وناشطين ومحامين تتولى مهمة تجهيز الملفات ورفعها أمام القضاء. ومن الممكن أن تُفتح لها حساب في الكريمي باسم رئيسها مثلاً، ودعوة الجمهور للتبرع، ويكون هناك آليات شفافة حول كيفية إدارة هذه التبرعات.
رابعاً: حماية مكاسب افتهان المشهري في صندوق النظافة والمضي قدماً في تنفيذ المشاريع
المكاسب التي تحققت للصندوق هي تقريباً عنوان هذا البرنامج. هذه أول مؤسسة عامة يجري إعادتها إلى السكة الصحيحة، بتجفيف منابع الفساد فيها، وحوكمتها، وتحسين مواردها، وتحسين أدائها، والأهم تحسين أوضاع منتسبيها. هذه كلها مكاسب لو فرطنا بها وسمحنا بأن يعود الوضع إلى سابق عهده، سنكون تقريباً قد فرطنا بكل شيء.
لا أعرف ما هي الآليات التي يمكن اتباعها لحماية هذه المكاسب والمضي قدماً لتجسيد رؤية افتهان التي أرادت لهذه المدينة بيئة صحية، وسعت لبناء مؤسسة قائمة على خدمة الصالح العام، وجسّدت نموذجاً حقيقياً في الاعتناء بمنتسبيها ومنحهم كافة الحقوق والتعامل معهم كبشر. صندوق النظافة وفق برنامج افتهان ووفق طموحها وحلمها، هو تقريباً برنامج إعادة بناء دولة الناس، دولة المستقبل. لهذا يجب علينا التفكير في الآليات المناسبة لإبقاء هذا الوعد قائماً ومزدهراً.































