المواطن/ كتابات – فهمي محمد
في مساء الاربعاء الماضي وبأمر من المحافظ نبيل شمسان ، تحركت ما تسمى بالحملة الأمنية للبحث عن مطلوبين للعدالة وفرض سلطة الدولة داخل المدينة القديمة ، وهذا من حيث المبدأ شي طبيعي ومعقول بل وواجب الحدوث في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده مدينة تعز ، لكن ذلك يتوجب في الأساس وجود دوله أو حتى سلطة عامه تستشعر مفهوم الدولة بكونها سلطة عامة ومرجعية عليا في نظر الجماعة المحكومة التي تجد نفسها ملزمة بالطاعة والتسليم ليس لأشخاص أو أحزاب حاكمين بذواتهم بل لفكرة عامة تمثل دائما إرادة المجتمع وتسمى في مخيالهم السياسي وواقعهم المادي دولة ، وهذا بلاشك يستدعي في أدنى الأحوال وجود سلطة عامة = مؤسسات مدنية و عسكرية تمارس على الجميع دون إستثناء سلوك الدولة ، التي لاتعرف سوى النظام والقانون كمعيار لممارسة سلطتها وتحركها على جميع الأفراد والمكونات الاجتماعية والسياسية الخارجة عن القانون والدستور ، وذلك لن يكون إلا في حال أن يتربع على رأس تلك المؤسسات السلطوية رجالات دولة ، أو من تم أعدادهم لمثل هذا المهام الوطني والنضالي ، لا أشخاص صنعتهم الصدفة أو المحسوبية بكل أشكالها وابعادها = ( الحزبية أو المناطقية …الخ ) أو حتى أتوا نتيجة الفراغ اللحظي الذي يحدث بفعل الانكسارات التي قد تصيب بعض المجتمعات التقليدية كالحروب وغيرها .
ما أقصده هنا أنه عندما تغيب الدولة بمعيار فكرتها هي وليس بفكرة الحائزين لسلطتها ، أو لا تتأسس في واقع الناس إبتداءً على تلك المعايير الناظمة لمشروعيتها اولاً ، وللعدالة بشكل عام ثانيا ، أو تحاول تطبيق القانون بشكل إنتقائي تحت أي مبررات قد تبدو للبعض مقبولة من باب القصور أو المحضور ، فإن الطبيعي والمتوقع في المقابل ليس التشكيك في مصداقية حملة أمنية فقط ، بل يكون التشكيك طبيعي ومقبول في مؤسسات السلطة بذاتها وبسلوكها واهدافها دائما ، مهما حاولت أن تقدم نفسها أو تقدم تحركها باسم الدولة التى تظل بالفعل غائبه ، وذلك ما يحدث في تعز وسوف يستمر ، حتى توجد الدولة بمعيار فكرتها السياسية والمجتمعية والقانونية وحتى الاخلاقيه لا بمعيار الحائزين لسلطتها وهوائهم السياسي ، وحتى ذلك الحين سوف يتظخم الملف الحقوقي والإنساني في هذه المدينه وبشكل يضع الجميع تحت طاولة العدالة والمساءلة القانونية وحتى تحت مساءلة الضمير الإنساني الذي سوف يتولى بلاشك كتابة التاريخ للأجيال القادمة .