تعز .. ايقونة التنوع والتعايش والوجع.. سفر من ملكوت الشعر تنزل وحيا على لسان حكيم ..
عبد الحكيم الفقيه
المواطن الثقافي
لي في تعز حكاية
ولها بقلبي المتكأ والمرقحةْ
كنا نجادل عن غياب النجمة الحمراء
عن مرض الديالكتيك
عن جشع البنوك
وعن أنين المكدحةْ
قالت لنا الطرقات: كنا دور نشر للمناشير التي انتشرت
وقارعنا القصور
وكم خدعنا العسكر القبلي حتى لا تكون المذبحةْ
كان اسمنا الحركي أرقى من أسامينا
ومهيوب المقهوي قال : في صمت تكون المصلحةْ
كل الأزقة والنوافذ والمشاقر والورود
كانت تغني للرفاق
تهذب الأوقات في غب الضجيج
ترى الذي يأتي وتقرأ في كتاب الأمنيات
وليس سرا أن تظاهر أو تهيج
كانت تكركر حين يخنقها النشيج
وتضمد الجرح الثخين وتستفز النائحةْ
لتعز أسنان مسوسة وعقل سائس خذلته أوجاع الخلاف
تبكي لتسقي وردها وتصد أصناف الجفاف
تقرأ
وتنقش في الصخور
تفسر المأمول في كراسة الآتي وتبصم في الغلاف
دمها نقاط دليلها الثوري، خضاب الاصطفاف
كدمتها أعقاب القبائل
قارعت وتجرعت ألم التأوه والرعاف
تبكي وتضحك كي تجدد حلمها لتقلص الزمن العجاف
لتعز أسنان مسوسة وقلب مفعم بالعاطفة
حفظت كتاب العشق في أضلاعها
وترعرعت أغصانها وتمايلت
وتفيأ العشاق في ظل الأغاني الوارفة
من شرفة الأحلام ترتقب الصباح بنظرة المتلهفة
لابد من فجر طري عارم
لنقل: ستأتي العاصفةلتعز أسنان مسوسة وروتين تسيج بالأنين وبالحنين
وبالتشوف في دهاليز السنين
من قبوة الكاذي تعطر جوها وحديثها
ويفوح ساعدها برائحة الشذى والياسمين
قطر الندى ماسات بلورها التوهج في الجبين
ولها الفراسة والكياسة تصنع الأنغام لو لمحت كمين
تمشي وينتفض الظلال من الضياء وحجولها والبرق يلمع بالرنينلتعز أسنان مسوسة وذاكرة مرتبة كدولاب البنات
ما استسلمت لليأس أو كسرت نواميس الحياة
أعطت مواويل الهوى نصف الهوى
والنصف في حب الدبيب على المناكب والثبات
هي زهرة في الغصن
ترقص للأنام وللحجارة والنبات
جبلت على حب النضال كشوكة مغروسة في الحلق من جسم الطغاة
فهي الحقيقة كالشموس
هي الوداعة كالنجوم
هي البراءة كالغيوم
هي السكينة كالصلاةلتعز أسنان مسوسة وروح ترتدي كالطير أجنحة الوثوب
هذي قصيدتي ريشها فبها أدندن بل أذوب
عصفورة المدن البريئة عشها في العين بل قلب القلوب
لها في الشمال شمائل ولها التوهج في الجنوب
فهي انعكاس الشمس في الينبوع والسحر المخبأ في الغروب
وهي الندى والعشب والأنسام
والألق المكركر في الدروبلتعز أسنان مسوسة وكحل ساحر يختال في أحلى الرموش
كم أشعلت نار الضلوع وكم تقهقر من جيوش
بصمت على ورق القلوب فأعشبت بصماتها
وتوردت ألوانها
ولها الوقار كأنها عرش العروش
ببنانة الروح الشفيفة خاتم من دفئها
توقيعها نقش النقوش
هي لا تحب سوى المهود وليس تأبه بالنعوش
لتعز أسنان مسوسة
لها الكلم المقفى والمصفى والمموسق والبشوشلتعز أسنان مسوسة وعقل سائس مازال يأمل بالأمل
قرأ المخبأ في سطور الغيب
ناقش : ما العمل؟
لتعز من تبر الحديث نقاوة
حبات مسبحة ترتبها الرؤى
وترقرق النبر المعبأ في الجمل
فهي اكتمال المكتمل
وهي اشتمال المشتملوهي الزمان من العدالة والبراءة في القريب المحتمل
لتعز أسنان مسوسة ووجه ناعم كالزنبقة
من منجل الفلاح رقصتها وسر المطرقة
في أول الفجر النقي لها تطيب الزقزقة
وبها اكتمال الشمس في كبد السماء
ما مرت الأقمار في أفلاكها
إلا ومنها تستمد الرونقة
في ليلها تمتد في حضن الجبال
كأنها فستانها كل السماء به النجوم معلقة
صبت غيول العشق كي تروى الرؤى المتشققة
وجرت جداولها عطورا في الثرى مترقرقةلتعز أسنان مسوسة ومن وجعي وآهاتي قلادة
قلق على أرق كأن الجمر في جوف الوسادة
صحنا كثيرا حتى مل الصوت من جور البلادة
عبست مدائننا ومازالت هي
منسوجة الأحلام تزخر بالفرادة
لتعز أسنان مسوسة وتبحث في الطريق عن الطريق إلى السعادةلتعز حرف من حروف الجر جرتني إلى بحر الجدال
هل دلنا شيء على شيء أم المدلول دال؟
إنا اتخذنا للمواقف موقفا
وتعددت غاياتنا
وتجددت أحلامنا
لكننا في عصر تمجيد القبيلة
والمحدعش
المسدس
والعدال
فلت الزمام من الزمام
ولم تزل أحلامنا في دولة الشعب الكبير
ودولة العدل البهيج
وعصر تمجيد النضاللتعز أوتار وأعواد وأنغام تسير على الرصيف
أصداؤها المتراقصات تلطف الحزن الكثيف
والصيف يعزف غيمه
والريح تنشد في الخريف
كانت تخاف من الليالي والأساطير البليدة والطهوش
والآن أصبح طاهش الحوبان كالقط الأليف
لكنها لكنها لكنها خلقت مخافتها
وأرهقها التشبث بالمخيف
قالت : سيرحل دونما أسف ومن دون المراثي والأسيف
قلنا : سننتظر البديل
ونؤجل الفرح المرشرش بالهديل
ونضمد الجرح المهدد بالنزيفوالشعر لو صمتت رؤاه ولو طغى طقس السكوت
تضحي الحياة كئيبة ومميتة
لا فرق أحيا أو أموت
والجدول الرقراق تخنقه وتقتله الخبوت
والعش يبكي حين تنسجه خيوط العنكبوت
فالشعر روح الروح
قلب القلب
أوردة الحدائق والبيوت
لا لن نموتوالحرف ينحت في الصخور وفي القبور وفي النعوش له البقاء
والحبر ضوء الوقت في درج العروج الارتقاء
وما ارتقى شعب !ذا لم تستقي الأقلام من حبر النقاء
والشعر لون اللون في رسم الوجود ولمه
حين الوجود مشتتا وممزقا ومفرقا
فالحرف والكلمات ترسم عالما متفائلا
متمترسا متخندقاوحدي ازدحمت بآهتي وكتمت أوجاع البلاد بجيب ذاكرتي فسربني الأنين إلى الأنين وقادني ظلي على الطرقات ندخل في الزحام ونصطلي في منجم الزفرات في وطن القبيلة والهراء العسكري وأزمة التخطيط في الأحزاب والشعب المكبل بالنخيط المذهبي
****
وحدي ازدحمت بغصتي وبقصة الروتين في الوقت المشتت كالزحام كأن يوما واحدا يكفي نكرره وندخل في سراديب الحديث ونحتسي الماء المعلب، نمضغ القات المكلفت كالفراغ وصاحبي يهذي كعادته الأليفة :
لم أنم فالقات صبري ولكن المقوت شرعبي
****
هو لا جديد سوى السقام على الوجوه وبعض ثرثرة المقيل وقصة الأسعار والصور الجديدة للخليفة والخليفة لم يزل نفس الغبي
****
في جلسة القات العجيبة كلنا يحكي فهذا يشتكي : ابن اللعينة حط لي الصحف القميئة كلها في مكتبي
ويقول أحدنا: تركت العصر عمدا لم أنظف مقطبي
ويقول ثالثنا : سأترككم فهذا اليوم قصوا راتبي
ويقول رابعنا : الصلاة على النبي
ويقول خامسنا
وسادسنا
وسابعنا
و
وندخل في متاهات الحديث الجانبيالريح كالحة وشاحبة هي الرايات في سطح السطوح
****
ماذا عن الماذا؟ هنا كهناك مكلوم جبين الشمس والصبح الأسير يسير منزويا كأن عقارب الساعات تلسعه فيسقط في الظلال ممددا وذبابة اليأس استفاقت في الجروح
****
عبث تغلغل في سواقي الوقت وانكسرت جهات البوح وانطفأت شموع العقل واحتقنت صنابير التطلع بالتذبذب والغبار ، هنا الذي كهناك أشواق مبعثرة وحشرجة تجيء ولا تروح
***
سنقول (أن غدا لناظره قريب)
نحتمي بعسى
وتبدو ربما متن الحقيقة والشروحلتعز أسنان مسوسة وأرشفة من الوجع المدون والملحن كلما ذكرت كثيرا حزنها غنت وأرخت للمواويل العنان ودغدغت بأنامل التاريخ أوتار الحنين، تذكرت ماض بعيد لم يكن في صفحة النسيان فانبجست عيون في الصخور
****
الريح والمطر الملون والورود ورقصة الزرع المسيج للحصون لها طقوس في الصلاة على النبي وطارها وعمامة الدرويش والوله المعطر والبخور
****
مشغولة بالصمت أحيانا وأحيانا تقول وليس تخشى القيد والسجان كم عبرت محطات من الأحقاب والأحزان والأشجان ترفض كل حين أن تدثرها الفجيعة أو تخوركأنني لما عرجت إلى سماء غوايتي وفتحت مملكة الخيال وجدت أن فضاء أغنيتي سماوات طباقا والبراق يهيج كان عنانه حبلا من الكلمات والعرق المصفى في يدي مثل النجوم، أغرورقت لغتي وأورقت الكناية وأزهرت بيد الهواجس والطيور تألقت فوق المروج وحلقت وتدفقت كتل السحاب ورقرقت عطر الكلام فاستقت شجر الرؤى واستنشقت رئة المدى فوح الأريج
****
كأن شباك النشيد يطل مبتسما على جبل يطوقه الندى في عشبة الشعر البهيج
****
كأن منديل القوافي ضاحك في ليل كفكفة النشيجكأن ندى الحزن حبر المنى وكأن السويعات قافلة من شجن
وطن أم مجن
فلماذا نكاد نجن
ولماذا إذا زغردت في فضاءاتها لغة الشعر ضاق الوطن !!!!لغصون قات أورقت في لحظة الوجع المكثف بالحقيقة ما تبقى من ضمور في الكلام
وما تدثر من أنين الصمت بالشجن المعبأ بالسلام
وللبلاد رحيلنا في الحلم والسفر الطويل إلى شعاب الأمنيات
وما تأخر من قناديل تقارع في دهاليز الظلام