المواطن/ كتابات ـ د. عيدروس النقيب
انتقل التوتر بين الأطراف التي يفترض أنها توالي (الشرعية) وتقاوم الانقلاب الحوثي إلى محافظة تعز ليبدو للعلن بعد أن ظل خافتاً، كالنار تحت الرماد قبل مقتل الشهيد عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع عليه رحمة الله.
شرارة اللهب انطلقت عندما أمر محافظ محافظة تعز السيد نبيل شمسان بإرسال طقمٍ عسكريٍ لإخضار تاجر قات من أبناء مدينة التربة – عاصمة مديرية الشمايتين- قيل إنه رفض دفع الضريبة وقال آخرون أنه اختطف موظف الضرائب، لكن الطقم تحول إلى مئات المسلحين المزودين بكل أدوات خوض المعركة بين جيشين جرارين.
الحملة على مدينة التربة وأهلها المقاومين لا علاقة لها لا بموظف الضرائب ولا بتاجر القات، وقضايا كهذه يمكن أن تحل إدارياً من خلال أمر ضبط قضائي أو حتى استدعاء أي مخالف للقانون بطقم أمني (فعلاً) ولكن ليس بألوية ومدفعية وصواريخ ومدرعات وجيش جرار.
خطة احتلال التربة ليست منفصلة عن المعركة الفاشلة في أبين ومثيلتها التي سقطت في سقطرة، . .
. . لا تتعجبوا، بل تابعوني، . .
المعركة في اليمن هي اليوم بين ثلاثة مشاريع، المشروع الإيراني والمشروع التركي والمشروع العربي، الأولان يتباينان ويتنافسان لكنهما ينسقان ويتفقان، وتجربة سوريا والعراق خير دليل، وقريبا سيُكشَف القناع عن لجنة تنسيق تركية إيرانية (حوثية إصلاحية) تدير الملف اليمني في إحدى العواصم الخليجية وتنسق لتقليص مساحة الاختلافات بين أتباع المشروعين في اليمن، والحوثيون قد سبق أن أفصحوا عن بعض ملامح تلك التوافقات في أكثر من مناسبة.
فشلت محاولة أنصار المشروع التركي في سقطرة وهي في طريقها إلى الفشل في أبين، فاضطروا إلى فتح جبهةً جديدة لتنفيذ خطة أمير المؤمنين في تعز، خصوصا وهم من يهيمن على تعز ويحشدون الحشود عبر عدد من المعسكرات ومراكز التدريب الممولة بالمال التركي والتي لم تطلق رصاصة واحدة على جماعة الحوثي منذ عدة أشهر.
وهكذا توقفت المواجهات مع الحوثي في الحوبان وبقية المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون، لكن (خاطفي) الشرعية وجهوا فوهات مدافعهم وبنادقهم نحو التربة على طريق الاتجاه جنوبا صوب عدن.
الجيش الجرار الذي اتجه إلى مدينة التربة لم يكن ليفعلها لو لم يكن مطمئنا لوفاء القوات الحوثية بعهدها معه، وهدف حملة هذا الجيش ليس فقط احتلال مدينة التربة ولا مديرية الشمايتين، ولا حتى كل الحجرية وطبعا ليس القبض على تاجر القات، بل محاولة القضاء على اللواء 35 مدرع، الذي أسسه وقاده الشهيد العميد عدنان الحمادي، ومن ثم فتح جبهة جديدة باتجاه عدن تتظافر في حملتها مع الهجمة الفاشلة في أبين وحرب الحوثي على الضالع وعقبة ثرة وتهدئة المعارك في ما تبقى من مديريات مأربـ وهذا أمر يعزز منطق التوافق والتنسيق بين أدوات المشروعين التركي والإيراني.
من أغرب ما يفعله خاطفو الشرعية اليمنية إنهم يمارسون أسوأ وأقذر الممارسات وأكثرها خرقا للقانون وخدشا للأخلاق والأعراف، من قتل المدنيين، إلى نهب الموارد، إلى الاستلاء على المواد الإغاثية والاتجار بها، إلى تلقي أموال دول التحالف وتحويلها إلى استثمارات في مختلف المناطق الاستثمارية الآمنة في العالم، وعندما تستنكر عليهم هذا السلوك المقزز ينبري أحدهم ليقول لك: نحن مع الشرعية، نحن شرعيون، ولا يحق لأحد أن يعترض على ما نفعل!!!
يقطن تعز (المحافظة والمدينة) وينتمي إليها مئات الآلاف وربما الملايين من الرافضين للمشروعين الإيراني والتركي، والمتمسكين بالدولة المدنية العادلة المستقلة، لكن مشكلة تعز مثل كل اليمن، أن من يمتلك السلاح يستطيع أن يخرس كل الأصوات الشريفة والمحترمة والباحثة عن الأمان والاستقرار ودولة المواطنة والنظام والقانون.
فهل يهب أبنا تعز الشرفاء لرفض اختطاف اسمهم وتاريخهم وكيانيتهم وسمعة تعز المحترمة وتحويلها إلى مشروع آيديولوجي استعماري جديد؟؟؟
يغمرني اليقين بذلك فحقيقة تعز ليست كما يصورها بعض الأدعياء بالتبعية أو الخنوع أو الاستكانة والاستسلام، وتاريخ تعز لا يقول إلا عكس ذلك تماماً، أما الشواذ فيبقون شواذ كما هو الحال في كل قاعدة.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك