المواطن / كتابات _ عمران عبدالله الحمادي
*الشارع الرمز.
في هذا الشارع الضيق تتوزع طاولات العزعزي والبوري وغيرها من الطاولات لبيع خبز الطاوة والبقوليات.. يمثل هذا الشارع الضيق ملتقى للأصدقاء حيث يحتسون الشاي ويتبادلون قصص النجاح والفشل،ويشكل في نفس الوقت مناخاً ثقافياً وملتقى للمثقفين والباحثين والقراء..على طاولات مقاهي هذا الشارع تدور حوارات هادئة مرة وحامية مرات عديدة،حوارات تختلط بأصوات كآسات الشاي وصياح ملاك المقاهي..كأنها سيمفونية تقدم منذ زمن طويل.. للشارع ذكرى حية في تاريخ اليمنيين لقربه من وزارة الثقافة اليمنية والعديد من المقرات الحكومية..إنه بؤرة للسياسة وسفلتها..إنه ملتقى هام للأدباء والمفكرين.. من هذا المكان يتنفس مثقفو اليمن بكل أطيافهم ومذاهبهم واتجاهاتهم السياسية والفكرية والفنية..فمقهى مدهش الذي أسس تقريباً قبل ثلاثين سنة مازال إلى اليوم تعلن فيه آخر الإصدارات الشعرية والأدبية وملصقات الأمسيات الثقافية والفنية.
وأخيراً نتساءل.. هل من كاتب او قارئ في اليمن لا تربطه بشارع المطاعم صلة ما؟وهل من شخصية سياسية أو ثقافية زارت صنعاء وفاتها زيارة شارع المطاعم؟أشك في ذلك؟
*طاولة المثقفين
بعد الساعة العاشرة صباحاً تكون زحمة الشارع قد انخفضت حيث يهرول أغلبية مرتادي الشارع من الباعة والمتجولين لشراء “شجرة القات” التي غدت اكبر هم لدى أغلبية اليمنيين، فيما تبدأ طاولة الادباء والمثقفين بالإمتلاء تدريجياً،يصاحبها نقاشات ودراسة نقدية للكتب الادبية قبل الامسيات الثقافية والإحتفاءات الفنية، نجلس كثيراً على هذه الطاولة ..ونستلذ كثيراً بالجلوس مع الأدباء والقراء.. يبدأ الحديث بالسؤال عن وجود الكتاب المعروفين في الشارع؟. . ويتوسط الحديث عن اخر الاصدارات والامسيات وتعلو حدة النقاش تارةً وتنخفض تارةً اخرى..وحين نغادر الطاولة بل نحن في الحقيقة لا نغادرها إنما نترك خيالنا فيها الى لقاء آخر.
نتركها ونحن متلهفين للعودة اليها مجدداً.
*مكتبة ثرية.
-وأنت تجلس على إحدى الطاولات في هذا الشارع يجب عليك أن تكون اكثر صبراً وحكمة حتماً ستصل الى مسمعك نعرات الطائفية والمناطقية وكم هائل من السب المقذع من كثرة الفارغين في هذا الشارع وهذا قد يزعجك كثيراً.. كما ستزداد بؤساً لكثرة زيارة المتسولين اليك…
شخصيات كثيرة في هذا الشارع تدق جرس الإسراع فيك لتكتب عنها..في هذا الشارع يكثر المجانين والمتسولين والصحفيين وتعلو اصوات الضجيج ويكثر كل شيء.
كان لشخصيات هذا الشارع أن تجد متسعاً لدى الكاتب وجدي الأهدل ليضعها في مجموعة قصصية معنونة ب “ناس شارع المطاعم” التي لم نقرأها حتى الآن؟!
لكنها ملتمسة من شخصيات حية من الشارع، بإعتبار الكاتب من احد رواد الشارع نفسه.