رانيا محمد
عقب ثورات الربيع العربي وطموح الشعوب في استرداد حقوقهم والغوص في بحيرة الحرية، وهو الحلم الذي شاركت فيه النساء وخرجن جنبًا إلى جنب مع الرجال في ساحات النضال والحرية، وهكذا عادت الحركة النسوية لتنشط بشكل واضح في المطالبة بحقوقهن السياسية والقانونية إلى جانب الاقتصادية والاجتماعية.
سؤال مهم
وبعد اسقاط النظم السياسية الاستبدادية والقمعية بدأت مرحلة جديدة من المفاوضات والحوارات سعت خلالها الحركة النسوية من أجل اقرار تلك الحقوق من خلال إعادة صياغة الدستور أو إقرار قوانين جديدة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بوضوح هو: هل حققت الحركة النسوية مزيدًا من الحقوق في رصيد تاريخها النضالي ام تكبدت المزيد من الإخفاقات في استرداد تلك الحقوق؟!
تربة خصبة
بداية تتحدث رئيسة مبادرة سام لسلام وحقوق الانسان الأستاذة ليلى لطف عن تأثير الربيع العربي على المشاركة السياسية للمرأة في اليمن قائلةً: “الحركة النسوية في السابق كانت تعاني من القيود التي فرضتها العادات والتقاليد المجتمعية بالإضافة إلى انخفاض المستوى التعليمي لدى النساء، إلا أن الأمر كان مختلفًا جنوب البلاد قليلًا حيث كان للاستعمار البريطاني تأثيرًا كبيرًا على طبيعة العادات والتقاليد المجتمعية، وأصبح معه المجتمع أكثر انفتاحًا مقارنة بالشمال، وجاء بعد ذلك الحزب الاشتراكي اليمني الذي أشرك المرأة في بعض المجالات رغم أنه لم يكن لهن تواجد حقيقي في مراكز صنع القرار بل كُنّ يمثلن جنودًا لخدمة الحزب”.
وتكمل ليلى قائلة: “مثّل الربيع العربي التربة الخصبة التي اعادت انطلاق الحركة النسوية رغم مساوئها فقد خرجت الالاف من النساء للمطالبة بحقوقهن وتصدرن المجتمع المدني وأصبحن يخاطبن المجتمع الدولي، بالإضافة الى بروز انشطتهن في بناء السلام على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وسعيهن الدؤوب للخروج من مأزق الحرب”.
انطلاقة ولكن؟!
نصت الالية التنفيذية للمبادرة الخليجية على ضرورة اشراك المرأة كمكون مجتمعي هام في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، حيث بلغت نسبة تمثيل المرأة في المؤتمر 30 % من أصل 565عضوًا. ومثلت تلك النسبة فرصة حقيقية للحركة النسوية اليمنية لعرض القضايا المتعلقة بالنساء، وحقهن في المشاركة السياسية، وذلك من خلال إقرار الكوتا 30% للمرأة في جميع المؤسسات والهيئات والأحزاب السياسية، إلى جانب مشاركتها في صياغة الدستور الجديد وهي التجربة الأولى في التاريخ اليمني حيث مثلت المرأة نسبة 24% من اللجنة الخاصة بصياغة الدستور الجديد.
ومع توقيع اتفاقية الرياض بين الحكومة المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي والتي أفضت إلى تشكيل حكومة وفاق وطني تم اقصاء النساء منها بشكل تام، وحرمت معها النساء اليمنيات من أي مشاركة سياسية في الحكومة، رغم ما نصت به مخرجات الحوار الوطني بشـأن تمثيل المرأة بنسبة 30%.
ردود فعل ضعيفة
الاقصاء الذي تعرضته له المرأة اليمنية في حكومة التوافق الوطني لم تلق ردود فعلٍ كافية، تمكن النساء اليمنيات من ايقاف ما تعرضن له من تهميش، حيث اقتصرت ردود فعل الحركة النسوية اليمنية على التنديد في مواقع التواصل الاجتماعي باسم التوافقات، أو عبر الرفض الفردي عبر الحسابات الشخصية.
وهذا ما أكدته ليلي لطف بالقول: “تشتت جهود العمل النسوية، والدعم الدولي المقتصر على عدد من النساء، واقصاء الأخريات أدى إلى ضعف الحركة النسوية في الفضاء العام، وهذا دليل على عدم وجود استراتيجية نسوية موحدة وحقيقية من أجل النهوض بحقوق المرأة، ولا يمكننا ان ننسى شحة الإمكانيات والدعم الدولي للمرأة في بيئة تسيطر عليها أطراف مسلحة ذو أفكار رجعية تحظر مشاركة المرأة السياسية”.