أ.د. محمد قحطان*
استبشر اليمنيين بإعلان تشكيل حكومة د. معين عبدالملك كونها حكومة توافقية برعاية الدولة الرئيسية لدول التحالف العربي الداعمة للشرعية اليمنية وكان من المقرر والمعلن أن تشرف الحكومة على تنفيذ اتفاقية الرياض بين الشرعية والمجلس الانتقالي من موقعها في العاصمة المؤقتة عدن. ومع اعلان عودة الحكومة إلى عدن ارتفع سقف التفاؤل بخصوص بداية مرحلة جديدة تحد من تدهور الأوضاع السياسية والأمنية وكذا الأحوال المعيشية للمواطنين تمهيدا لوضع نهاية للانقلاب والحرب وكانت أهم التوقعات لما ستنجزه الحكومة بعد عودتها إلى العاصمة المؤقتة عدن يشمل الأهداف التالية:
1) متابعة تنفيذ بنود اتفاقية الرياض بجوانبها الثلاثة ط: السياسي، الاقتصادي والاجتماعي.. الأمر الذي بمجرد إعلانه في وسائل الإعلام مع تحديد موعد عودة الحكومة إلى عدن شهد السوق النقدية تراجعا كبيرا عن التدهور في سعر العملة اليمنية مقابل العملات الأخرى. الأمر الذي عزز التفاؤل لدى الناس بأن أوضاعهم ستتحسن وبالتالي حصل التفاف واسع من جميع شرائح المجتمع نحو تأييد اتفاق الرياض والدعوة لتنفيذه.
2) سد الفراغ الحاصل في السلطة التنفيذية ممثلة بأجهزة الدولة المختلفة وبالتالي تفعيل وإعادة بناء كافة مؤسسات وأجهزة الدولة المختلفة.
3) الإنتقال من عشوائية عمل السلطة الشرعية إلى العمل بأسلوب التخطيط الأمر الذي من شأنه إعلان موازنة سنوية للدولة وتوفير الكثير من الأموال المهدرة بالعملة الوطنية والعملات الأجنبية. وبالتالي امتلاك القدرة على سيطرة البنك المركزي في عدن على السوق النقدية وأحكام إدارة الشأن الخاص بتراجع تدهور سعر العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية والحفاظ على استقرار سعرها. لما لذلك من أهمية الحفاض على مستويات طيبة لمعيشة المواطنين وبنفس الوقت عودة حركة الاستثمار والتنمية الأمر الذي من شأنه رفع معاناة الناس وتحسين مستوى معيشتهم.
3) عودة البعثات الدبلوماسية للعاصمة المؤقتة عدن الأمر الذي سيعزز شرعية السلطة المعترف بها دوليا والتأثير الإيجابي على سوق العملات الأجنبية.
4) عودة المنظمات الدولية من صنعاء إلى العاصمة المؤقته عدن وبالتالي التأثير الإيجابي على توزيع الإغاثات الإنسانية وبنفس الوقت تدفق كميات كبيرة من العملات الأجنبية للمناطق ألمسيطر عليها من قبل السلطة الشرعية.
5) عودة الشركات العاملة في مجال النفط والغاز وبالتالي تفعيل قطاع صادرات النفط والغاز الأمر الذي سيترك أثرا بالغا على السوق النقدية بالعملات الأجنبية وسيمكن البنك المركزي في عدن من توفير أرصدة نقدية بالعملات الأجنبية تمكنه من التأثير على السوق النقدية وأحكام السيطرة عليه من خلال السياسات النقدية بالإضافة إلى تظافر جهود مشتركة مع وزارة المالية لتفعيل السياسات المالية التي من شأنها مع السياسات النقدية الحفاض على استقرار الوضع الاقتصادي والمعيشي للسكان وتوفير مناخات مشجعة لعودة رأس ألمال الوطني لداخل المحافظات الواقعة تحت سيطرة السلطة الشرعية وخارجها بحكم امتداد أنشطة الاستثمارات في مختلف المحافظات وبالأخص مراكز رأس المال مثل صنعاء والحديدة بالإضافة إلى عدن وحضرموت وتعز.. وغيرها.
6) تمكين الحكومة من فرض السيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة بعد تفعيلها وأحكام السيطرة على الأوعية الايرادية واستعادة عمل الدورة المالية والنقدية. .وتعزيز المركز المالي للحكومة لمواجهة كافة التزاماتها في جانب النفقات العامة.
7) القيام بواجب الدولة نحو مواطنيها من خلال إعادة كافة الخدمات العامة والضرورية والتي أهمها: خدمات التعليم، الصحة، الكهرباء، المياه والصرف الصحي، والنظافة.
8) إعادة بناء ما دمر أثناء الحرب ابتداء بالمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة.
9) تشغيل كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية بما فيها المنافذ المتوقفة مثل ميناء المخا.. وغيره.
10) توفير احتياطيات نقدية من العملة الاجنبية والمحلية ومنح ما ينبغي أن يتمتع به البنك المركزي من الاستقلالية بعيدا عن التدخلات السياسية.
11) العمل بأسلوب التخطيط ابتداءا بخطة تقشفية تمكن الحكومة من مواجهة الانهيار في جوانبه المختلفة الاقتصادية والنقدية وإعادة تفعيل الجهاز المصرفي وتطوير أدائه.
12) إنهاء ازدواجية سعر العملة الوطنية في كل من صنعاء وعدن من خلال سياسات مالية ونقدية فاعلة تضع حد لانقسام العملة الوطنية بين صنعاء وعدن.
13) نقل فروع الشركات والبنوك الرئيسية من صنعاء إلى عدن من خلال اتخاذ إجراءات صارمة بعد تهياة مناخ العمل في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
14) تطبيع الأوضاع السياسية والأمنية والمعيشية ومعالجة ملف الجانب العسكري استعدادا لوضع نهاية للانقلابات العسكرية والعودة لاستكمال المرحلة لانتقالية حسب ما نصت عليه وثيقة مخرجات الحوار الوطني.
تلك هي الأهداف التي كان من المتوقع أن تعمل على تنفيذها حكومة الائتلاف الوطني المنبثقة من اتفاقية الرياض.
وبعد عودتها لعدن ثم خروجها من عدن وعودتها للرياض مجددا ومرور ما يقرب من سنتين ماذا تحقق حتى نستطيع قياس أداء الحكومة؟!…
للأسف لم يتحقق أي هدف الأمر الذي يستدعي أن الحوار المتجدد والذي يتم حاليا في الرياض بين قيادتي السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي برعاية سعودية الوقوف بمسؤولية وطنية ووضع نهاية للخلافات العقيمة والتي إن استمرت فلن تصل البلاد إلى بر الأمان مطلقًا ويحدونا الأمل أن يكون القادة في مستوى المسؤولية التاريخية ويعودوا لجادة الصواب وهو تنفيذ اتفاقية الرياض واضعين نصب أعينهم تحقيق الطموحات والأهداف التي سردناها سابقا.. وينبغي أن يتيقنوا بأنه لا طريق آخر يمكن سلوكه ويحقق طموحات الشعب اليمني في جنوب البلاد وشماله سوى هذا الطريق.
مع تمنياتي بالتوفيق…
* استاذ الاقتصاد /جامعة تعز