خولة فؤاد نصر
ما أن تفشت جائحة كورونا في العالم، وبدأت فيه الاحترازات الصحية التي اتخذتها الكثير من الدول كاليمن التي عملت على إغلاق المقاهي والمولات ومنع التجمعات، لاسيما صالات الأفراح، التي يقام فيه طقوس الأعراس، والتي تعد حلم كل عروس، لكن قرار إغلاقها المتزامن مع تفشي فيروس كورونا، افقد الكثير من الشباب والشابات فرحة العمر التي يتشاركون من خلالها افراحهم مع الأهل والأصدقاء، إذ أن الجائحة عملت على إخفاء هذه الطقوس المتعارف عليها.
فيما اتجه البعض إلى الأعراس الافتراضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خوفًا منهم على تزايد الإصابات بين الحاضرين ،في حين لجأ البعض الآخر إلى الزفاف عبر موكب من المركبات الخاصة تجوب شوارع المدينة احتفاءً في العرس وهي تعتبر جزء من الطقوس، فيما يرى البعض إن جائحة كورونا خففت من تكاليف الزفاف التي تثقل كاهل العريس.
طقوس مخفية
غابت معظم مراسم وطقوس الأعراس التقليدية اليمنية في محافظة تعز ،نظرًا لتفشي جائحة فيروس “كورونا” حيث تشتهر المدينة بالعديد من المظاهر، التقليدية في الأعراس كمشاركة عدد كبير من النساء والرجال فيها، لكن كوفيد 19 اختزل هذه المظاهر.
تروي السيدة أديبة الصراري قصتها، وهي أحدى الفتيات التي لم تحظى بإقامة زفاف بسبب انتشار فيروس كورونا، قائلةً: “كنت متحمسة جدًا ليوم زفافي ورسمتُ بخيالي أشياء مبهجة لي ومن حولي وأفكار كنت مرتبة لها في السابق لكنني انصدمت بالواقع عندما تفشت الجائحة حينها وتسببت بإغلاق قاعات الأفراح”.
اضطر الكثير من العرسان والعرائس إلى الغاء حجوزات قاعات الأفراح، وكوشاتها وجلسات التصوير بعد قرار الإغلاق.
تتابع الصراري: “ألغيتُ الكثير من الترتيبات التي كنتُ قد حضّرتُ لها منذُ ستة أشهر، لكنني لم أحظى بالتجربة التي تعتبر حلم كل فتاة”.
اقتصرت فرحة الكثير من العرائس على طقوس بسيطة بين الأقارب مع توخي الحذر الشديد والالتزام بإجراءات السلامة.
تضيف أديبة: “اقتصرنا على عرس بسيط في المنزل جمعنا فيه عدد محدود من الأهل والمقربين مع التزمنا بالإجراءات الصحية من خلال التعقيم لكل الحاضرين”.
لم تكن أديبة الصراري وحدها التي لم تحظى بإقامة زفاف جراء انتشار فيروس كورونا، لطيفة عبدالله هي الأخرى التي سُلبت فرحتها، المتزامنة مع تفشي الجائحة، تقول لطيفة إنها كانت قد قامت بتوزيع دعوات الفرح ولم يبقى سواء أيامًا معدود، لكنها تفاجأت بتفشي الفيروس في المدينة وتسجيل أولى الإصابات، حينها أعلنت السلطات إغلاق قاعات الأفراح ومنع التجمعات، وتشير إنها تشعر بـ”غُصّة”، لعدم قدرتها على إقامة مراسم زفاف كاملة، “غاب كل شيء، لم يبقَ سوى بعض الأغاني وفستان الزفاف، كما أن الحفل لعدد محدود من الحضور، ولم يبقى سواء ساعتين” وتضيف: “كنت أتمنى أن تكون الأوضاع أفضل حالاً، لكن الظروف صعبة، لم يسبق أن عشنا هكذا من قبل، حسب قول لطيفة”.
أعراس افتراضية
شهدت فترة جائحة كورونا توجه العديد من الشباب إلى الزفاف الافتراضي، والذي يعد واحداً من الفرص التي ساهمت فيها منصات التواصل الاجتماعي لمواجهة الأوضاع الراهنة والأزمة الحالية التي فرضها الفيروس، كالشاب محمد المشرة الذي احتفال عبر البث المباشر على فيسبوك.
يقول محمد: “الزواج في زمن الكورونا ليس بالأمر السهل بعد تفشي الفيروس، قررت الاحتفال على الفيسبوك ببث مباشر من منزلي، لكن الحفل كان خاليًا من كل مراسيم والطقوس المعروفة.
ويضيف المشرة: “كان يجب علينا استشعار المسؤولية والتخلي عن العرس والاكتفاء بالاحتفال على فيسبوك وأنا سعيد جدا وهذي مشيئة الله”.
تسببت جائحة كورونا في تغيير طقوس الأعراس التقليدية اليمنية وتغيرها إلى عادات جديدة تتماشى مع القرارات الاحترازية التي فرضتها الدول، كالاحتفال على مواقع التواصل الاجتماعي وتنظيم موكب زفاف يجمع العديد من السيارات يتم من خلاله زف العرسان.
حسام أحمد أحد العرسان الذين استخدموا موكب يضم العديد من السيارات للاحتفاء بعرسه قائلًا: “تزامن تفشي جائحة كورونا مع موعد عرسي، حينها لم استطع اكمال الترتيبات للعرس ومتطلباته، فقررت الاحتفال بطريقة مبتكرة من خلال دعوة لإحياء زفافي عبر موكب يضم العديد من السيارات، حتى لا يصاب الحضور بالفيروس، وأكون قد حققت الفرحة بطريقة جديدة.
يضيف أحمد: “لستُ مقتنعًا بهذه العرس؛ لكنني اضطررت حينها أن أتماشى مع الإجراءات الاحترازية المفروضة ولا مجال للتأجيل”.
تكاليف أقل
انخفضت تكاليف الأعراس بنسبة تتخطى 60% خلال أزمة فيروس كورونا «كوفيد 19» العالمية مع استغناء الزوجين عن قائمة طويلة من الفعاليات والمراسم المتعلقة بالزفاف أبرزها ما يقوم به البعض من إقامة عدة حفلات للزواج ابتدًأ من الخطوبة حتى كتب الكتاب أو ما يسمى بعقد النكاح مما يثقل كاهل العريس، ويرى البعض أن كوفيد19 ساهم في تقلص هذه التكاليف.
وفي هذا الخصوص تقول سعادة علي وهي أحدى العرائس أثناء فترة كورونا: “من وجهة نظري وبما أني عشت هذه التجربة أرى أن بعض الطقوس ليس لها داعي وإنما خسائر وتكاليف ترهق كاهل الطرفين، وأفضل الاستغناء عنها”.
وتضيف علي: “كل شخص هو وإمكانياته لكن هناك أشخاص لا يقدرون على توفير تكاليف الزواج ولذلك معظم الشباب عزفوا على الزواج بسبب التكاليف الباهظة”.
يرى الكثير من الشباب ضرورة التفكير بشكل جدي في الاستغناء طواعيًة عن بعض الطقوس التي ترفع من تكاليف الزواج حتى بعد انتهاء أزمة كورونا، وعدم تأجيل الزواج بسبب الأزمة والاستفادة من إتمام الزواج بتكاليف يسيرة.
مبارك الشوافي، وهو أحد العرسان أثناء الجائحة، يروي لنا تجربته في هذا المجال قائلًا: “من وجهة نظري أشعر أني فعلت عرس بفرحة مكتملة مميزة لم تفقد ألقها أو طقوسها، وإذا أردت أن أفعل طقوس الصالة والبذخ وغيرها لفعلت؛ لكن رأيت هذا الشيء دخيل على مجتمعنا الذي يعيش المواطن فيه بكل بساطة”.
ويضيف الشوافي: “أدعو كل الشباب القادمين على الزواج التخلي عن التفكير بالطقوس التي من خلالها يفقد طعم الفرحة والتي يحمل البعض أعبائها الغير ضرورية”.
(تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا)